يشهد السوق المصري منذ بداية عام 2025 موجة صعود قوية قادتها عودة المستثمرين الأجانب واستقرار سعر الصرف، مما انعكس بوضوح على أداء المؤشر الدولاري للبورصة المصرية EGX30 USD الذي واصل تسجيل قمم تاريخية جديدة متفوقًا على أداء معظم أسواق المنطقة.
فقد ارتفع المؤشر الدولاري منذ مطلع العام بنسبة تقترب من 33% ليصل إلى 2690 نقطة بنهاية تعاملات الخميس الماضي مقابل 2009 نقطة بأولى جلسات العام الجاري، مدعومًا بتحسن المؤشرات الاقتصادية، وتراجع معدلات التضخم والفائدة، بجانب تدفقات نقدية أجنبية نوعية نحو الأسهم القيادية ذات الأساسيات القوية.
يرى محللون أن مؤشر EGX30 المقوّم بالدولار أصبح مرآة حقيقية لاستقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، إذ يعكس توازن العائد بين الأسهم وسعر الصرف في الوقت نفسه، ومع استمرار التحسن في ربحية الشركات وارتفاع توزيعات الأرباح النقدية المقومة بالدولار سيعزز من جاذبية الأسهم المصرية في المحافظ الاستثمارية العالمية، خاصة في ظل تنافسها على العائد الحقيقي الإيجابي مقارنة بالأسواق الناشئة المنافسة، كما أن اتساع قاعدة المستثمرين المحليين وتزايد الطلب المؤسسي المحلي من بنوك وصناديق استثمار يضيف طبقة دعم هيكلية لاستقرار السوق، مما يقلل من أثر خروج أي سيولة أجنبية محتملة، ويُبقي المؤشر على مساره الصاعد في الأجلين المتوسط والطويل.
أبو غنيمة: المستثمرون الأجانب يفضلون الاستثمار طويل الأجل في الأسواق المستقرة
ويرى سامح أبوغنيمة، رئيس قسم التحليل الفني بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن الأداء الإيجابي القوي للسوق منذ بداية العام يعود إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والمالية التي أعادت الثقة تدريجيًا إلى المستثمرين، في مقدمتها انخفاض معدلات التضخم واستقرار سعر الصرف وتراجع أسعار الفائدة.
وأضاف أن المؤشر الدولاري EGX30 USD تأثر بشكل مباشر بتغيرات سعر الصرف، حيث كان الدولار في بداية العام أعلى من 51 جنيهًا، ومع عودة التوازن النقدي أصبح تقييم الأسهم المصرية بالدولار أكثر جاذبية، مما شجع الأجانب على زيادة مراكزهم الاستثمارية في السوق.
أوضح أن هذه التغيرات ساهمت في خلق موجة شرائية أجنبية طويلة الأجل، تركزت على الأسهم القيادية في قطاعات البنوك، والاتصالات، والطاقة، والأسمدة، مشيرًا إلى أن العائد المحقق على المؤشر الدولاري تجاوز 30% منذ بداية العام، وهو ما يجعله الأعلى بين الأسواق الإقليمية.
وأكد أن المستثمرين الأجانب يفضلون الاستثمار طويل الأجل في الأسواق المستقرة، موضحًا أن استقرار سعر العملة المصرية، إلى جانب تنفيذ اتفاق صندوق النقد الدولي الأخير، أعطى إشارات اطمئنان للمؤسسات والصناديق العالمية بأن الاقتصاد المصري يسير في مسار إصلاحي متزن.
وذكر أبوغنيمة أن المؤشر لن يشهد موجات تصحيح متوسطة الأجل قبل النصف الثاني من عام 2026، متوقعًا استمرار الاتجاه الصاعد حتى عام 2028 في ظل استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية وتوسع الطروحات الحكومية.
حامد: استقرار العملة المحلية وغياب السوق الموازي وراء الأداء الإيجابى للمؤشر
وأوضحت راندا حامد، العضو المنتدب لشركة عكاظ لتكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية، أن الارتفاع اللافت للمؤشر الدولاري يعكس مرحلة استقرار نادرة في السوق المصري بعد سنوات من التذبذب، موضحة أن الطروحات الحكومية التي نُفذت مؤخرًا تعد نقطة تحول في شهية المستثمر الأجنبي.
وأضافت أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لعب دورًا حاسمًا في دعم الثقة الدولية، بعد أن أكد التزام الحكومة بالإصلاح المالي والنقدي وتحرير سعر الصرف بشكل كامل، مما انعكس على سوق الأسهم المقومة بالدولار والتي أصبحت أكثر تنافسية مقارنة بأسواق الخليج وتركيا والمغرب.
أوضحت حامد أن استقرار العملة المحلية، وغياب السوق الموازية، إلى جانب تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل ارتفاع الناتج القومي ونمو السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، جميعها عوامل ساعدت على تعزيز جاذبية البورصة المصرية للمستثمرين الأجانب.
وأضافت أن مضاعف الربحية للأسهم المصرية ما زال الأدنى في المنطقة، ما يجعل السوق المصري يتمتع بفرص استثمارية حقيقية غير مستغلة بالكامل، متوقعة أن يستهدف المؤشر الدولاري مستويات 3200 نقطة على المدى المتوسط، مع استمرار الصعود في القطاعات القيادية التي تقود الأداء الحالي.
النمر: السوق المصري بدأ يستعيد اهتمام المستثمرين الأجانب تدريجيًا
واتفق معها إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني بشركة النعيم القابضة للاستثمارات، أن البورصة المصرية استطاعت خلال العام الحالي أن تُظهر مرونة لافتة في مواجهة التقلبات الخارجية بفضل الإصلاحات النقدية التي حدّت من تذبذب سعر الصرف، مما سمح بتحقيق أرباح تشغيلية قوية للشركات المقيدة.
وأوضح أن السوق المصري بدأ يستعيد تدريجيًا اهتمام المستثمرين الأجانب، خاصة مع تمتعها بميزة نسبية كونها السوق الناشئة الوحيدة في المنطقة التي تضم مزيجًا من الشركات الصناعية والخدمية والمالية الكبرى المدرجة ضمن مؤشرها الرئيس.
وأشار إلى أن أحد التحديات التي تواجه السوق حاليًا هو ضعف أحجام التداول المقومة بالدولار، موضحًا أن زيادة الطروحات الحكومية وطرح شركات كبرى ذات ميزات تنافسية يمكن أن يرفع من القيمة السوقية الإجمالية للبورصة ويعزز عمقها الاستثماري.
وأكد النمر أن نجاح برنامج الطروحات الحكومية في ضم كيانات كبرى من قطاعات الطاقة والبنية التحتية والصناعة سيكون له أثر مباشر في زيادة جاذبية السوق المصرية أمام رؤوس الأموال الأجنبية، مشددًا على أن استمرار الشركات في تحقيق نمو في الأرباح سيُبقي المؤشر الدولاري في مساره الصاعد خلال السنوات المقبلة.
أبو النصر: التوقعات بارتفاع الدولار لن تعرقل الصعود
من جانبها، قالت مروة أبو النصر، مدير إدارة البحوث الفنية بشركة فيصل لتداول الأوراق المالية، إن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة ساهمت في انتعاش قطاعات رئيسية مثل البنوك والبتروكيماويات، والتي قادت صعود المؤشر خلال الشهور الماضية، مضيفة أن هذا الأداء يعكس ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في استدامة التحسن الاقتصادي.
وأشارت إلى أن المؤشر الدولاري يتفاعل عادة مع تحركات سعر الصرف، إلا أن السوق أظهر قدرة على امتصاص أي تقلبات محدودة، متوقعة أن يشهد الدولار ارتفاعًا طفيفًا قبل نهاية العام إلى ما بين 48 و48.5 جنيه، دون أن يؤثر ذلك بشكل جوهري على الاتجاه العام للمؤشر.
وأضافت أبو النصر أن السوق المصرية هي الأعلى أداءً بين الأسواق الإقليمية منذ عام 2022، ومن المرجح استمرار هذه الموجة الصاعدة حتى عام 2028، مدعومة بتوسّع الحكومة في الطروحات العامة، وتحسن تدفقات النقد الأجنبي، وزيادة إيرادات السياحة مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير الذي سيشكل عامل دعم إضافي لميزان المدفوعات.
وتوقعت أن يواصل المؤشر الدولاري حركته الصاعدة مستهدفًا مستويات 3000 و3170 نقطة على المدى المتوسط، وفي حال اختراقها سيستهدف 4000 نقطة بدعم من النشاط المؤسسي وزيادة شهية المستثمرين الأجانب.








