بينما يسعى المصنعون لخفض تكاليف الإنتاج وتعزيز التنافسية، تواجه العديد من الشركات فجوة سعرية واضحة داخل السوق، نتيجة اختلاف المعاملة الجمركية بين منتجاتها؛ فبعض المنتجات تعتمد على مدخلات مستوردة تفرض عليها رسوم جمركية.
فى المقابل تدخل منتجات أخرى تامة الصنع إلى السوق دون أى أعباء، ما يخلق تفاوتا فى الأسعار ويحد من قدرة المصنعين المحليين على المنافسة العادلة.
وعقدت المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية برئاسة الفريق مهندس كامل الوزير، اجتماعا أمس الأربعاء بمشاركة وزراء التخطيط والإنتاج الحربي والكهرباء وقطاع الأعمال العام والتنمية المحلية والبيئة والاستثمار والبترول والإسكان، ورؤساء الهيئات الصناعية والاقتصادية.
ومن ضمن ما استعرضه الاجتماع، شكوى شركة “هايتكنوفل أوبتيكس” لتصنيع كابلات الألياف الضوئية، والتي تضررت من فرض رسوم على مستلزمات الإنتاج بينما تعفى المنتجات المستوردة تامة الصنع، بالإضافة إلى إغراق السوق ببعض السلع الأجنبية.
وكلف كامل الوزير وزير الصناعة والنقل، وزارتى الاستثمار والتجارة والمالية بدراسة الشكوى ووضع توصيات لحل المشكلة، مؤكدا ضرورة تفعيل قانون تفضيل المنتج المحلي فى المشتريات الحكومية.
المنزلاوي: المنافسة العادلة تتطلب تفعيل قانون “تفضيل المنتج المحلي”
من جانبه، قال مجد الدين المنزلاوي رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن فرض رسوم جمركية على مكونات المواد الخام المستخدمة فى التصنيع المحلي، فى الوقت الذى تعفى فيه المنتجات تامة الصنع المستوردة من رسوم مماثلة، يخلق خللا واضحا فى هيكل التنافسية بالسوق.
وأضاف لـ «البورصة»، أن تحميل الصناعة المحلية أعباء جمركية على مدخلات الإنتاج يرفع تكلفة المنتج المصري النهائي، مقابل بقاء السلع المستوردة فى السوق دون زيادات، وهو ما يؤدى إلى فقدان المنتج المحلى لميزته السعرية وتكبد عدد من الشركات خسائر متتالية نتيجة هذا الاختلال.
وأكد ضرورة إعادة النظر فى التعريفة الجمركية بشكل شامل، ودراسة تأثيرها المباشر على الصناعات المختلفة، بما يضمن الحفاظ على قدرات الشركات المحلية واستدامة نشاطها.
وقال عماد محمد، نائب رئيس شركة الجوهرة للبلاستيك، إن استمرار فرض رسوم جمركية على مكونات المواد الخام المستوردة، مقابل إعفاء عدد من السلع تامة الصنع المستوردة من أي رسوم، يخلق اختلالًا واضحًا في السوق ويحمل الصناعات المحلية أعباء إضافية لا يتحملها المنتج الأجنبي.
وأوضح أن السوق شهد خلال الفترات الماضية ظهور “رسوم متعددة ومتكررة” على مدخلات الإنتاج، وهو ما وصفه بأنه أعباء تضاف بشكل متتابع دون وجود قواعد ثابتة، مؤكدًا أن هذه الرسوم في النهاية تنعكس بالكامل على سعر المنتج النهائي الذي يتحمّله المستهلك.
وقال محمد العايدي، رئيس مجلس إدارة شركة طيبة للالومنيوم والمعادن، إن بعض القطاعات الصناعية لاتزال تعانى من “تشوهات جمركية”، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على تنافسية المنتج المصرى داخل السوق.
أضاف لـ «البورصة»، أن غرفة الصناعات الهندسية بدأت بالفعل دراسة الحالات التي تظهر فيها هذه التشوهات، على أن يتم رفعها بشكل رسمي إلى وزارة المالية، مؤكدا أن هناك تعاونا كبيرا خلال الفترة الأخيرة مع وزارة المالية، إذ إن أي مشكلة حقيقية يتم التعامل معها بشكل سريع، ولذلك يتوقع معالجة هذه الحالات في القريب العاجل.
وعن تطبيق قانون تفضيل المنتج المحلي، قال العايدي إن الملف لم يشهد تأخيرًا، وإنما يخضع لدراسة فنية متعمقة لعدد كبير من النقاط، مشيرًا إلى أن إصدار الضوابط النهائية المتعلقة بتطبيق القانون سيكون قريبًا، لما له من أهمية كبيرة في دعم الصناعة الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية.
علم الدين: الفارق السعري بين المحلي والأجنبي قد يتجاوز 20%
وقال محمود علم الدين، رئيس مجلس إدارة شركة رويال للكيماويات، إن قطاع المنظفات يواجه تلك التشوهات الجمركية وهو ما يرفع تكلفة المنتج المحلي، ويحد من قدرته على المنافسة مع المستورد.
وأضاف أن الفارق السعري بين المنتجات المستوردة تامة الصنع والمحلية قد يصل فى بعض المنتجات إلى أكثر من 20٪، وتابع: “الشركة سبق وأن تقدمت بعدة شكاوى رسمية للجهات المعنية بشأن هذا الأمر”.
وقال محمد البهي رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، إن اللجنة العليا للجمارك لم تتلق حتى الآن أى ملفات رسمية تخص شكاوى الشركات حول فرض رسوم على مدخلات الإنتاج مقابل إعفاء بعض المنتجات التامة الصنع.
وأضاف لـ «البورصة» أن الحكومة تتلقى بشكل دوري شكاوى حول ما وصفه بـ«تشوه جمركي»، مشيرًا إلى أن أغلب هذه المشكلات يتم حلها فوراً بالتنسيق بين وزارات المالية والتجارة والصناعة، وأن الأمر لا يمثل صعوبة تنفيذية.
وأوضح البهي، أن بعض مدخلات الإنتاج في صناعات محددة تُعامل أحيانًا كمنتج تام وفقًا للصفة الغالبة، ولكن اللجنة تراجع كل حالة للتأكد من استخدامها الفعلي في الصناعة، وفي حال ثبت استخدامها كمدخلات إنتاج رئيسية يتم تعديل المعاملة الجمركية بما ينسجم مع القانون.
وقال أحمد عبدالكريم، مدير الشركة العامة لمنتجات الخزف والصيني، إن السياسات الضريبية الحالية المفروضة على استيراد الخامات الأساسية تسببت في خلق فجوة كبيرة بين المنتج المحلي والمنتج المستورد، معتبرًا أن هذه الرسوم أصبحت تحديا مباشرًا لبقاء الصناعة المحلية، وطالب بتطبيق قانون تفضيل المنتج المحلي بشكل فعال على أرض الواقع، وليس فقط على الورق.








