أكد أحمد أسامة، الرئيس التنفيذي لشركة «درايف للتمويل»، وعضو مجلس إدارة اتحاد التمويل الاستهلاكي، أن النمو الذي يشهده نشاط التمويل الاستهلاكي في مصر يقوم على منح مدروس وإطار رقابي صارم يستهدف حماية السوق والعملاء، وليس توسعًا عشوائيًا في الإقراض، مشددًا على أن القطاع بات أحد الأعمدة الرئيسة للتمويل غير المصرفي في الاقتصاد المصري.
وقال أسامة إن التمويل الاستهلاكي ليس نشاطًا وليد اللحظة، بل يمثل امتدادًا لعدد من الأنشطة التمويلية التي بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، قبل أن يشهد تطورًا تدريجيًا حتى عام 2020، مع صدور قانون تنظيم نشاط التمويل الاستهلاكي عن الهيئة العامة للرقابة المالية، والذي شكّل نقطة تحول في مسار النشاط.
وأوضح أن الهيئة حددت في بداية تطبيق القانون حدًا أدنى لرأس المال عند 10 ملايين جنيه، إلا أن تأثيرات التضخم وتراجع قيمة الجنيه خلال العامين التاليين أدت إلى انخفاض القوة الشرائية لهذا المبلغ، ما دفع الهيئة إلى رفع الحد الأدنى إلى 75 مليون جنيه، مع إلزام الشركات التي تمارس أكثر من نشاط بتوفير هذا الحد لكل نشاط على حدة.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي للهيئة منذ البداية كان وضع ضوابط واضحة لنشاط حديث العهد نسبيًا في السوق المصرية، لا يتجاوز عمره أربع أو خمس سنوات، مؤكدًا أن التمويل الاستهلاكي أصبح اليوم من أقوى الأنشطة داخل القطاع المالي غير المصرفي، ويتمتع بانتشار واسع وتأثير اقتصادي ملموس.
ولفت أسامة إلى أن التمويل الاستهلاكي يلعب دورًا محوريًا في سد الفجوة الناتجة عن تراجع دخول الأفراد، عبر إتاحة آلية التقسيط لتلبية احتياجاتهم، موضحًا أن النشاط لا يقتصر على السلع الترفيهية، بل يمتد إلى الخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى الاحتياجات الضرورية التي قد يواجهها المستهلكون في ظروف طارئة.
وأوضح أن قرارات الهيئة الأخيرة، وعلى رأسها وقف منح تراخيص جديدة باستثناء الشركات المالية المعتمدة على التكنولوجيا، جاءت في إطار تحقيق نمو متوازن ومدروس، نظرًا للدور المحوري للتكنولوجيا في تعزيز الشمول المالي وتوسيع قاعدة المتعاملين مع المنظومة البنكية، خاصة في الأقاليم والدلتا والصعيد، بما ساهم في دمج شرائح واسعة داخل الاقتصاد الرسمي بدلًا من الاقتصاد غير الرسمي.
وشدد على التزام الشركات العاملة بمفهوم «المنح المسؤول»، مشيرًا إلى أن الهيئة وفرت آليات متعددة للاستعلام عن العملاء، تشمل الربط مع التأمينات الاجتماعية وشركة «آي سكور»، إضافة إلى التحقق من ملكية أرقام الهواتف، بهدف ضمان نمو صحي ومستدام للنشاط دون التوسع في تمويلات غير مدروسة.
وأكد أسامة أن القطاع نجح خلال الفترة الماضية في جذب استثمارات أجنبية مباشرة، ما يمثل إضافة للاقتصاد القومي من حيث زيادة تدفقات العملة الأجنبية، ويعكس ثقة المستثمرين في السوق المصرية، لافتًا إلى دخول شركات عالمية كبرى، من بينها «أمازون»، كمستثمرين في شركات مصرية عاملة بالقطاع.
وأضاف أن الهيئة أتاحت للشركات الحصول على حدود ائتمانية تصل إلى 9 أضعاف، مع ترك مهمة التقييم للبنوك والقطاع المصرفي، الذي يمتلك الخبرة اللازمة لتحديد قدرة الشركات على تحمل هذه المستويات من التمويل وفق معايير دقيقة.
وأشار إلى أن الهيئة بدأت مراجعة دورية للملاءة المالية للشركات، للتأكد من قدرتها على مواجهة التغيرات الاقتصادية والضغوط المحتملة، وكذلك تأثير ذلك على قدرة العملاء على السداد، مؤكدًا أن هذه الإجراءات انعكست إيجابًا على أداء القطاع، حيث تحركت مؤشرات النشاط كافة في نطاق إيجابي.
واختتم أسامة بالتأكيد على أهمية استكمال مسيرة تطوير القطاع المالي غير المصرفي، مع استمرار وضع الضوابط التي تحمي السوق من أي ممارسات احتيالية، بما يدعم استدامة النمو ويعزز ثقة المستثمرين والعملاء في نشاط التمويل الاستهلاكي.








