أعد الخبير الضريبى عبدالله العادلى، رئيس قطاع الضرائب، بشركة برايس ووتر هاوس كوبرز، ورئيس لجنة الاستثمار بجمعية تنمية الأعمال «ابدأ»، دراسة حديثة عن التعديلات الضريبية التى أصدرتها الحكومة وجمدها الرئيس محمد مرسى لحين إجراء حوار مجتمعى حولها، تضمنت مجموعة من الانتقادات لهذه التعديلات وأسباب اعتراض المجتمع الضريبى عليها، بالإضافة إلى مقترحات بتعديلات مغايرة تحقق الهدف من الضريبة من وجهة نطره.
قال العادلى فى دراسته إن الحكومة ادعت إصدار التعديلات الضريبية الأخيرة، بهدف إجراء تيسيرات ضريبية والمساهمة فى تحقيق العدالة الاجتماعية والحد من حالات التهرب الضريبى، مشيراً إلى أنها جاءت بما يتنافى مع ذلك تماماً ويبعد كل البعد عن العدالة الاجتماعية.
وأكد أن التعديلات طغت عليها أفكار الجباية وعدم وضوح الرؤية وعدم وجود استراتيجية واضحة للإصلاح الضريبى، مشيراً إلى أنها اقتصرت على إضافة ضرائب قد يؤدى تطبيقها فى تحقيق حصيلة ضريبية تقل عن تكلفة تحصيلها أو تؤدى إلى موجات تضخمية وزيادة الأعباء على الفقراء ومحدودى الدخل.
وقال إنه كان من باب أولى زيادة سعر ضريبة الدخل إلى 30% وعدم إجراء أى تعديلات ضريبية أخرى، بما يحقق الحصيلة المنشودة دون التأثير على محدودى الدخل تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية.
وكشف العادلى عن تركز ما يتراوح بين 70 و80% من الحصيلة الضريبية خلال العشر سنوات السابقة، فى ثلاث جهات حكومية سيادية وهى قناة السويس والبنك المركزى وهيئة البترول، بينما باقى الحصيلة يأتى من الضرائب المختلفة على الدخل والمبيعات والدمغة، ويعمل على تحصيلها ما يزيد على أربعين ألف موظف فى مصلحة الضرائب.
وأشار إلى أنه مهما تم إجراؤه من تعديلات فإنها تؤثر فقط فى 20% من الحصيلة الضريبية ما يستدعى اتخاذ اجراءات أخرى غير زيادة أسعار الضرائب وتوجيه الجهود نحو الحصر على الطبيعة مع اعطاء مصلحة الضرائب استقلالاً إدارياً لتكون هيئة اقتصادية مستقلة لها مجلس إدارة تتوافر فيه الخبرات المختلفة التى ينهض بها وبأدائها وبحصيلتها الضريبية من الأنشطة الاقتصادية الرسمى منها وغير الرسمى.
وعرضت الدراسة مجموعة من التعديلات التى رأتها مقبولة، وتؤيد تطبيقها، مثل توسيع الشريحتين الأوليتين من الضرائب على الدخل بما يحقق وفراً ما بين 500 جنيه وألف جنيه سنوياً للدخول التى تزيد على 2500 جنيه شهرياً. وزادت الشريحة العليا لتصبح 25%.
وأيدت الدراسة رفع أسعار الضريبة على دخول الشركات لتصبح 25% بدلاً من 20%، مشيرة إلى أنه كان يمكن زيادتها إلى 30% أو تطبيق شريحتى 25% و30%.
وانتقدت زيادة السعر دون الرجوع إلى دراسة اقتصاديات حساب أسعار الضرائب وأثرها على الاستثمار وعلاقتها بالدول المجاورة والتى تصل فيها أسعار الضرائب إلى صفر.
وأيدت الدراسة اخضاع أرباح إعادة التقييم فى حالات الاستحواذ والدمج والتقسيم وتغيير الشكل القانونى، وفرض ضريبة مقطوعة بسعر 10% على أرباح التعامل الأول فى البورصة، إلا أنها أشارت إلى أن النص جاء معيباً ومتعارضاً حيث فرض الضريبة على طرح الأوراق المالية لأول مرة فى السوق الثانوى، مشيرة إلى أن الطرح عادة ما يتم فى السوق الأولى وأما التداول فيتم فى السوق الثانوى ما يحتاج إلى تصويب النص وليكن بإخضاع جميع التعاملات فى الأوراق المالية. كما أيدت خضوع الاستحواذ على ما يزيد على 33% من رأسمال الشركات للضريبة بسعر 10%.
وأشارت إلى أن قصر إعفاء أرباح صناديق الاستثمار على الاستثمارات المالية، تعديل طال انتظاره، حتى لا يمتد الإعفاء إلى الصناديق الأخرى مثل الاستثمار العقارى والصناديق القابضة.
وقال العادلى فى دراسته إن زيادة إعفاء العقارات السكنية من الضريبة العقارية إلى ما قيمته 2 مليون جنيه مع اقتصار الإعفاء على وحدة واحدة،هو ما نادى به جميع الخبراء كثيراً،مشيرا إلى أن المشرع لم يلتفت إلى إعفاء الوحدات غير السكنية مثل الورش الصغيرة والمحال والأكشاك ما يجعل من الضريبة عبئاً على تلك الوحدات وقد تزيد تكلفة تحصيل الضريبة على الحصيلة المتوقعة من تلك الوحدات، مؤكدا أهمية إعفاء الوحدات غير السكنية التى لا يزيد إيجارها السنوى على 1200 جنيه.
وطالب العادلى باخضاع توزيعات الأرباح فى الخارج للضريبة، بما يشجع المستثمر على إعادة استثمار تلك التوزيعات فى الداخل مرة أخرى والعزوف عن توزيعها ما يساعد على النمو الاقتصادى.
ورصدت الدراسة مجموعة من التعديلات التى اعتبرتها تتعارض مع العدالة الاجتماعية، بينها، إلغاء 50% من إعفاء أرباح مشروعات صندوق التأمين الاجتماعى ووضع حد أقصى للإعفاء بمبلغ 50 ألف جنيه وزيادتها إلى خمسمائة ألف جنيه فى المشروعات التى تقام فى سيناء، مشيرا إلى أن هذا التعديل يتعارض تماما مع توجه الدولة نحو تشجيع مشروعات الشباب الصغيرة والمتناهية الصغر مع المخالفة الدستورية الصريحة فى تفرقة المعاملة بين الاستثمار فى سيناء وخارجها، مطالبة بضرورة إلغائه.
ورفضت الدراسة خضوع جميع بيوع العقارات بنسبة 2.5% على إجمالى قيمة التعامل سواء حقق البائع ربحاً أو خسارة ما يزيد من أسعار العقارات وخاصة الاقتصادى منها مع السماح بخصم الضريبة من ضريبة الدخل إن وجدت.
كما انتقدت إعادة نظام الاضافة تحت حساب الضريبة على السلع والإيجارات ما يزيد من الأعباء على الممولين من تكاليف محاسبين ووقت وجهد مبذول والعودة إلى نظام قديم كان قد تم إلغاؤه عام 2005 مما نتج عنه مشاكل وعقبات عند التطبيق.
كما رفضت إلغاء الإعفاء الوارد فى البندين 4،3 من المادة 50، والذى يؤدى إلى خضوع جميع الجمعيات والجهات التى لا تهدف إلى الربح للضريبة على الدخل، والتى تشمل الجمعيات الخيرية والمهنية والأحزاب والأندية الرياضية، وما لذلك من تأثير على محدودى الدخل من أعضاء تلك الجمعيات والجهات والتى يتركز نشاطها فى خدمات ومشروعات اجتماعية وثقافية وعلمية ورياضية، فضلا عن كونها لاتهدف إلى الربح.
وقالت الدراسة إن إخضاع جميع السلع والخدمات المستوردة للضريبة على المبيعات أيا كان الغرض من الاستيراد، يذهب بتلك الضريبة عن غرضها الأساسى ويؤدى إلى إخضاع السلع الرأسمالية والمستخدمة فى الإنتاج ما يؤدى إلى زيادة عوائق الاستثمار واحتجاز مبالغ كضريبة على تلك السلع كان يمكن أن تستخدم فى الإنتاج وما ينتج عنها من دورات اقتصادية تصب فى صالح الاقتصاد القومى، مشيرا إلى أن النص على السماح للوزير المختص بإعفاء بعض السلع الرأسمالية اللازمة للإنتاج يفتح الباب للفساد والمحسوبية فضلا عن العوار الدستورى الذى يصيب هذا التفويض، مطالبة بإلغائه.
وقالت الدراسة إن جميع التعديلات التى تمت فى أسعار ضريبة المبيعات تمس مباشرة المواطن الفقير ومتوسط الحال ولا تحقق العدالة الاجتماعية كما جاء بعنوان الورقة ويتعين العدول عنها وهى على سبيل المثال لا الحصر:
وقوع المقاصة بقوة القانون بين ما هو مستحق للمسجل لدى المصلحة يؤدى إلى تأجيل رد الضريبة لفترات طويلة لحين تسوية جميع المستحقات الأخرى ما يزيد من تكلفة تلك الأموال.
إخراج بعض السلع من الجدول وخضوعها لضرائب كنسبة من قيمة البيع مثل البن وجميع المنتجات المصنعة من الدقيق والبطاطس والذرة والحلوى من العجين والصابون والمنظفات الصناعية للاستخدام المنزلى والأسمدة والمطهرات ومبيدات الحشرات للأغراض الزراعية ومواد البناء مثل الجبس والحديد والأسمنت والزيوت النباتية للطعام وخدمات الاتصالات وخدمات التشغيل للغير والنظافة والحراسة سيؤدى حتما إلى زيادة أسعارها على محدودى الدخل.
دخول بعض السلع إلى الجدول يؤدى إلى عدم استفادتها من خصم الضرائب على المدخلات مما يزيد من تكلفة إنتاجها مثل الخردة وفضلات الحديد والبليت «خام تصنيع الحديد» والأسمنت المائى والأسمنت الكتل “غير المطحون” الكلنكر والمياه الغازية.
إدخال خدمات الإعلان ضمن خدمات التشغيل للغير لتخضع بنسبة 10% بما فيها خدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان وأعمال بث ونشر الإعلانات فى أى من وسائل الإعلان وخضوع أعمال الإشراف والاستشارات والتصميمات المتعلقة بخدمات التشغيل للغير ما يزيد تكلفة جميع السلع والخدمات فضلا عن عدم إمكانية خصم الضريبة المدفوعة على المدخلات مع خضوع تلك الإعلانات لضريبة دمغة تصاعدية تصل إلى 25%.
لم تتضمن التعديلات الواردة على الضريبة العقارية أى إعفاء للوحدات غير السكنية محدودة الدخل أو النشاط أمثال المحال التجارية الصغيرة والأكشاك والورش والعيادات والمراكز الطبية ما يؤدى إلى تكبد مالكيها أو مستغليها للضريبة العقارية وبالتالى ثقل عبء الضريبة على المتعاملين معهم من محدودى الدخل.
تغيير أساس خضوع التسهيلات الائتمانية والقروض والسلف وأى صورة من صور التمويل بالبنوك لضريبة دمغة فبدلاً من خضوع الأرصدة ربع السنوية أصبح الخضوع طبقا لأعلى رصيد مدين وسوف يؤدى ذلك إلى أعباء إدارية ومالية على البنوك لتغيير الأنظمة الآلية بها للوصول لحساب الضريبة فضلا عن زيادة تكلفة الخدمات الائتمانية مثل كروت الائتمان المدينة والدائنة وبالتالى زيادة تكلفة اقتنائها بواسطة محدودى الدخل.
وانتهت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات لمعالجة العوار فى النصوص المزمع تعديلها وفى نفس الوقت زيادة الحصيلة الضريبية بما لا يمس محدودى الدخل وبالتالى تحقيق العدالة الاجتماعية، على رأسها ضرورة تبنى الحكومة ممثلة فى وزارة المالية سياسة واضحة نحو الإصلاح الضريبى الذى يحقق العدالة الاجتماعية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع توفير الحصيلة الضريبية اللازمة للتنمية.
أوصت بإعادة هيكلة مصلحة الضرائب بحيث تصبح هيئة اقتصادية مستقلة يديرها مجلس إدارة تتوافر له الكفاءات من عضويات مختلفة تساعدها فى دورها من زيادة الثقة مع الممولين وتضطلع بدورها فى زيادة الحصيلة الضريبية بما لا يضر بالإنتاج ونمو الاقتصاد القومى.
وأكدت أهمية تكوين وتفعيل المجلس الأعلى للضرائب طبقا للمادة 139 من القانون والذى يهدف إلى ضمان حقوق دافعى الضرائب على اختلاف أنواعها والتزام الإدارات الضريبية المختصة وكذلك توجيه الممولين إلى الإجراءات القانونية التى تكفل حصولهم على حقوقهم.
وأكدت ضرورة زيادة أسعار الضريبة على الدخل لتكون 25% و30% مع اخضاع الأرباح الموزعة فى الخارج للضريبة وفى مقابل ذلك يتم إلغاء جميع التعديلات على قانون ضريبة المبيعات والتى تمس محدودى الدخل مع الإسراع فى تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وأوصت بتوجيه مصلحة الضرائب لزيادة آليات الحصر على الطبيعة لحصر واخضاع الأنشطة غير الرسمية وغير المسجلة ويتم ذلك بإعطاء مأمورى الضرائب سلطة الضبطية القضائية وتوفير وسائل الحماية لهم مع تغليظ العقوبات على المتهربين من الضرائب.
و قالت إنه لابد من تطبيق التعديلات الضريبية فى تواريخ تسهل من تطبيقها مثل أول يناير أو أول يوليو لتلافى كسور الشهور واختلاف أسس المحاسبة فى فترات واحدة.
كتب – أحمد فرحات








