زيادات سعرية منذ بداية العام.. وأخري منتظرة بسبب الدولار ومواد البناء والطلب المؤجل والسوريين
نظرة « جونز لانج لاسال » إيجابية للسوق المصري خاصة الإسكان المتوسط وفوق المتوسط
20 : %30 انخفاضاً في إيجارات المباني الإدارية والتجارية خلال الـ18 شهراً الماضية
توقع أيمن سامي، مدير مكتب « جونز لانج لاسال – مصر »، زيادة حركة المبيعات في السوق العقاري المصري بفضل ارتفاع الطلب بشكل ملحوظ الفترة القليلة المقبلة، في محاولة من العملاء لاستباق ارتفاعات الأسعار المتوقعة في المعروض الذي يستعد المطورون لطرحه، واستغلال فترات السداد الطويلة التي تمنحها الشركات، علي أن تستمر هذه الحركة لحين هدوء واستقرار سعر الدولار أمام الجنيه.
وكشف سامي في حوار مع «البورصة» أن التقرير الذي ستصدره « جونز لانج لاسال » عن الربع الأول من العام الجاري، سيرصد زيادات سعرية شهدها السوق العقاري السكني، وقال ان العملاء سيبدأون في الشعور بالفارق السعري اعتباراً من الربع الثاني من العام، في ظل المؤشرات التي تؤكد اعتزم المطورين زيادة الأسعار، بسبب صعود مواد البناء وهبوط سعر الجنيه، وزيادة الطلب سواء الداخلي أو الخارجي خاصة من السوريين الذين لجأوا إلي مصر، يليهم الليبيون، وتركزت طلباتهم في مدينتي 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة خاصة في مدينة الرحاب، ما سينعكس علي حركة الأسعار نظراً لانخفاض المعروض.
يأتي ذلك بعدما وصلت الأسعار حتي نهاية العام الماضي إلي أدني مستوياتها في جميع أنواع العقارات.
ورصد مدير مكتب جونز لانج لاسال – مصر انخفاضات سعرية تعرضت لها إيجارات المكاتب الإدارية والمحلات بالمولات التجارية بنسب تراوحت بين 20 و30% خلال الـ 18 شهراً الماضية، نظرا لتقليص الشركات معدلات الانفاق ما أدي لوقف التوسع في اقامة المباني الإدارية، ومن ناحية أخري جاء تراجع الإيجارات بالمولات التجارية مدفوعا بانكماش المبيعات.
وقال سامي ان نظرة « جونز لانج لاسال » ايجابية للسوق العقاري السكني في مصر، في ظل استمرار الطلب مدفوعاً بالتعداد السكاني الكبير وعدد الزيجات السنوية الذي يتخطي 600 ألف زيجة سنوياً.
وفي حين لاحظ أيمن سامي معروضاً كافياً من الوحدات الفاخرة وقد يزيد علي الطلب، إلا أن الاسكان المتوسط وفوق المتوسط لايزال مجالاً خصباً للتوسع في مصر، وضرب مثالا بمحافظة القاهرة وحدها التي يزيد تعدادها السكاني بواقع 400 ألف نسمة سنويا، بما يعني أنها في حاجة علي الأقل إلي 100 ألف وحدة سكنية سنويا، وبالتالي فالطلب سيظل ضخما علي المساكن، بينما يتوقف شراء المعروض الآن علي سُمعة الشركة المطورة وجودة المشروع وأسعاره وأسلوب السداد.
أضاف أن الفترة الماضية كانت يد المشتري هي الأعلي في السوق وكانت فرصته لفرض شروطه، ما أدي لثبات الأسعار وتقديم الشركات تسهيلات أكبر في السداد علي مدد أطول بنفس السعر، وجعل العملاء ليسوا في حاجة للحصول علي تمويل عقاري.
إلا أن التغيرات التي طرأت علي وضع الاقتصاد وهبوط الاحتياطي النقدي وتراجع الجنيه أمام الدولار وصعود أسعار مواد البناء بشكل كبير، أدت لارتفاع أسعار العقارات، ما سيزيد من حجم الطلب في السوق، علاوة علي انخفاض المعروض السكني في مصر أيضاً بسبب توقف عدد كبير من المشروعات وتأخر التسليمات.
توقع مدير جونز لانج لاسال – مصر أن تتركز حركة الشراء الفترة المقبلة في الوحدات المتوسطة خاصة الشقق التي تتراوح مساحاتها بين 150 و200 متر، بينما ستتسم حركة الوحدات الغالية بالبطء، علي أن تواصل القوي الشرائية الظهور في مدينتي القاهرة الجديدة و6 أكتوبر وتقتصر داخل المدن القديمة علي مدينة نصر.
وأرجع أيمن سامي خروج المضاربين من السوق إلي صعوبة إعادة البيع في السوق الثانوي، نظراً لوجود البديل لدي الشركات المطورة وبالتقسيط علي مدد طويلة تصل 7 سنوات، وبالتالي لم يعد هناك مجال للمضاربة في ظل تراجع الإقبال علي الشراء واختفي ما يعرف بـ«الأوفر» الذي يحصل عليه بائع ايصال الحجز في المشروعات الجديدة، الذي اكتشف انه سيتورط في الالتزام بسداد باقي ثمن الوحدة وأنه لن يستطيع تصريفها بعد شهرين أو ثلاثة أشهر علي أقصي تقدير من الحجز فيها.
واستبعد أن يكون لخروج المضاربين من السوق العقاري تأثير كبير علي مبيعات الشركات، لأنهم لم يكونوا يمثلون نسبة كبيرة من السوق، وكانوا يتركزون في مشروعات محددة، مقارنة بالعملاء أصحاب الطلب الحقيقي.
بالنسبة للعقارات الخدمية، قال رئيس مكتب جونز لانج لاسال – مصر إن هناك حركة طبيعية بانتقال الشركات من وسط المدينة إلي المدن الجديدة كالقاهرة الجديدة و6 أكتوبر والقرية الذكية وغيرها، بسبب الزحام وصعوبة الانتقال داخل المدن القديمة خاصة القاهرة، وكذلك بسبب أحداث العنف التي تقع في الشارع منذ الثورة، ما أدي علي سبيل المثال لفشل أصحاب المقار الإدارية في عدد من المباني الهامة علي الكورنيش من الوصول إلي مكاتبهم عدة أيام، بسبب المظاهرات والزحام، وبدأت الشركات في الانتقال إلي مبان إدارية ذات مواصفات معينة.
وأكد زيادة الطلب علي المباني الإدارية من فئة «B» نظراً لانخفاض أسعارها عن «A»، سعيا من الشركات لتقليص النفقات، وتراجعت أسعار إيجارات المباني الإدارية خلال الـ18 شهراً الماضية بنسب تراوحت بين 20و30%، فيما عدا بعض المشروعات في فئة «A» التي زاد الطلب عليها، من بينها المباني الإدارية التابعة لشركة الفطيم في مشروع كايرو فيستفال سيتي التي لديها قائمة انتظار من العملاء الذين طلبوا مساحات في المرحلة الثانية التي لم تبدأ بناءها بعد.
ووفقاً لأيمن سامي، فإن المعروض من المساحات الإدارية فئة «A» في السوق المصري بلغ العام الماضي 2012 نحو 780 ألف متر، يرتفع العام الجاري إلي 940 ألف متر، وينتظر أن يصل العام القادم 2014 إلي مليون متر، بينما يستحوذ قطاع البترول علي 36% من الطلب يليه القطاع البنكي بـ 22% ثم التأمين 16% فتكنولوجيا المعلومات والاتصالات 9% ثم الأدوية 8%.
وتراجعت المساحات الشاغرة من 29% العام الماضي إلي 25% الآن.
أما بالنسبة للمباني التجارية، فقد رصد مدير جونز لانج لاسال – مصر ضعف الطلب عليها من البراندات العالمية بسبب تراجع المبيعات، ما دفع الشركات المطورة للتردد في التوسعات التي خططت لها في وقت سابق، رغم زيادة الاقبال علي افتتاح المطاعم والملابس.
وانتقد سامي تركز أغلب المولات الجديدة الضخمة في مناطق متجاورة، ما يؤثر علي مبيعاتها بالسلب، وساهم في تراجع الإيجارات ما بين 20 و30% عند التنفيذ العام الماضي، وأصبح هناك مجال للمفاوضات مع الشركات المالكة علي القيمة الإيجارية، بعد أن كان غير قابل للتفاوض، نظرا لأن المبيعات في السوق التجاري لم تصل بعد لمستوي 2010.
ولاحظ أيضا ظهور مشكلة جديدة في إيجارات المساحات في المولات التجارية ، تتعلق بالعقود التي تنص علي سداد القيمة الإيجارية بالدولار، في ظل الصعود المتتالي لسعر صرف الدولار أمام الجنيه، والذي بلغ نحو 15% حتي الآن انعكست بنفس النسبة علي القيمة الإيجارية بالارتفاع، فضلا عن صعوبة توفير العملة الأمريكية الآن، في حين لم تحقق مبيعات المحلات التجارية نفس نسبة الزيادة في المبيعات، إلا أن هناك تفهما وتعاونا بين أصحاب المولات والمستأجرين، دفعهم لقبول السداد بالجنيه أو تثبيت سعر الدولار.
ورغم أن تراجع الجنيه أمام الدولار يدعم جاذبية الأصول المصرية للاستثمارات الخارجية، إلا أن أيمن سامي أرجع عدم حدوث مشتروات قوية إلي أن الوضع الحالي غير مشجع للاستثمار.
اضاف ان مكتب الشركة الاقليمي في دبي تلقي طلبات عديدة لبيع فنادق خاصة في الغردقة، إلا أنها لا تقابلها طلبات مماثلة، لذلك اعتبر الوقت الحالي أسوأ أوقات البيع.
وربط مدير مكتب جونز لانج لاسال – مصر توقعات أداء السوق خلال العام الجاري بالتطور علي الصعيد السياسي والتوقف عن ملاحقة رجال الأعمال وسرعة البت في النزاعات خاصة علي الأراضي، وإن كان التعداد السكاني الكبير وحجم الطلب يدعمان بقاء السوق العقاري المصري في دائرة الضوء والجاذبية الاستثمارية، حيث يحقق المستثمرون العرب الذين يعملون في مصر مبيعات جيدة، مثل اعمار والفطيم وغيرهما.
واعتبر أيمن سامي الوقت الحالي أفضل أوقات الشراء، سواء علي مستوي الشركات للتوسع في محفظة الأراضي وتأمين توسعات الفترة القادمة، أو علي مستوي الأفراد بشراء الوحدات السكنية.
وتوقع أن تؤدي التطورات التي شهدها السوق العامين الماضيين إلي تغيير خريطة اللاعبين الكبار في السوق، باختفاء البعض وظهور البعض الآخر وزيادة المنافسة مع الشركات التي استطاعت الاستمرار بقوة.
تأسست شركة « جونز لانج لاسال » منذ نحو 200 عام وهي مقيدة في البورصة الأمريكية، وتعمل من خلال 3 مكاتب رئيسية حول العالم في شيكاغو ولندن وسنغافورة، وتتواجد في الشرق الأوسط عبر 5 مكاتب، من بينها اثنان في السعودية وواحد في دبي وآخر في أبوظبي والخامس في القاهرة الذي تم افتتاحه عام 2010.
وتقدم الشركة استشارات عقارية لـ 250 من أكبر 500 شركة في العالم، وفي مصر قدمت استشارات لعدد من الشركات، من بينها بروة القطرية خاصة بالمرحلة الاولي من مشروعها بالقاهرة الجديدة، وتبلغ المبيعات السنوية للشركة علي مستوي العالم 3.9 مليار دولار.
حوار- أيمن عبدالحفيظ
