بقلم – رفيق أغا
كثير منا كأفراد يتساءل عند التفكير والتقدم بطلب تسهيل ائتماني في صورة قرض نقدي أو سيارة أو حتي بطاقة ائتمان من احد البنوك العاملة في مجال التجزئة المصرفية هل سيتم قبول الطلب الخاص بي أم لا؟ وعند القبول هل ستتم الموافقة علي كامل المبلغ المطلوب منحه من جانب البنك أم سيتم تحديد مبلغ آخر من جانب مسئولي ائتمان التجزئة المصرفية بالبنك؟؟.
في الواقع ليس من السهل الإجابة عن جميع التساؤلات التي قد ترد بأذهاننا في هذا الخصوص مرة واحدة أو من خلال مقال واحد، ولكنن سنحاول بإيجاز التعرف علي اهم اسباب قبول أو رفض تمويل العملاء الأفراد أو حتي كيفية تحديد قيمة القرض من خلال بنوك التجزئة المصرفية المنتشرة في مصر حاليا.
فسابقاً ومنذ سنوات عديدة كانت هناك تسهيلات تقدم للعملاء الأفراد أيضا من خلال البنوك – بالطبع لم تكن علي الصورة الحالية – وكانت تقع ضمن صلاحيات مدراء الفروع بشكل ما وكنا نجد عند مراجعة الملفات ان حيثيات الموافقة الائتمانية للعميل الفرد مثلا أنه حسن السمعة!! أو أنه معروف جيداً لنا!! ومن ثم تحديد قيمة التسهيل الائتماني الممنوح بناءً علي تلك المعطيات.
كما أنه في تمويل الشركات تكون الدراسة مختلفة كليا عن الأفراد فالشركة لها العديد من القوائم المالية وميزانيات لسنوات مضت ودراسة جدوي للمشروع محل التمويل، وتستمر الدراسة لشهور عدة حتي يتم الافصاح عن قرار البنك بالتمويل من عدمه، ولكن نحن كأفراد هل نمتلك ميزانيات خاصة بنا؟؟ هل لدينا قوائم دخل؟
إلا أنه حاليا اختلف الأمر كلية فالآن يقوم محلل ائتمان التجزئة بالاعتماد بصفة اساسية علي إجمالي الدخل الشهري / السنوي الذي يقوم العميل الفرد مقدم طلب المنح بإثباته بمستندات دالة علي صحته ومدي استمراره ( مثل ما يتقدم به الموظف من شهادات اثبات دخل – ايصالات الرواتب الشهرية أو حتي كشف الحساب البنكي الخاص به والذي قد يثبت من خلاله تدفقاته النقديه الشهرية أو خلال فترة ما – والأصل في إثبات الدخل هو مدي صحته وصدقه واستمراريته.
الأمر لا يقف عند اثبات دخل المقترض ولكن تتطرق الدراسة أيضا إلي احتساب الالتزامات الشهرية التي تقع علي عاتق العميل طالب التسهيل. والمقصود بالالتزامات الشهرية هنا هي التزامات العميل تجاه البنك مقدم التسهيل الائتماني والبنوك المصرية الأخري. ولا ينطبق عليها أي التزامات شخصية أخري تقع علي عاتق العميل مثل ( فواتير الكهرباء / الغاز / الايجار….. ).
و لتحديد تلك الالتزامات الشهرية البنكية من جانب محلل ائتمان التجزئة المصرفية يتم اللجوء إلي طباعة تقرير خاص بالعميل من خلال شركة I-Score والتي تقوم بتجميع جميع البيانات عن العملاء الأفراد الذين تم منحهم تسهيلات ائتمانية من قبل البنوك المصرية الأخري بتصريح خاص من البنك المركزي المصري منذ عام 2008، والتي من خلالها يتم تحديد قيمة الأقساط الشهرية التي يلتزم العميل بسدادها لمختلف البنوك بما فيها البنك الذي يقوم بدراسة طلب العميل، كما يوضح تقرير I-Score ايضا إجمالي عدد وقيمة التسهيلات الممنوحة للعميل الفرد ومدي انتظامه في سداد التزاماته الشهرية متضمنا البطاقات الائتمانية الممنوحة للعميل كما يوضح أيضا التسهيلات الائتمانية القديمة والتي تم الانتهاء منها ومدي انتظام العميل في سداد تلك التسهيلات.
هنا وبعد قيام المحلل الائتماني بالتأكد من صحة قيمة الدخل الشهري المثبت للعميل الفرد وتحديد قيمة الالتزامات الشهرية البنكية علي العميل نجد أنه يقوم بتحديد نسبة تحمل عبء الدين ( DBR ) وهي ناتج قسمة الالتزامات الشهرية علي إجمالي الدخل الشهري للعميل الفرد كما يلي :
الالتزامات الشهرية
نسبة تحمل عبء الدين=
الالتزامات الشهرية
إجمالي الدخل الشهري
وطبقاً للسياسات الائتمانية الداخلية والمختلفة ما بين البنوك المصرية فإن تلك النسبة لا يجب أن تتعدي نسبة محددة يتم تحديدها مسبقا لكل منتج علي حدة، وتتراوح تلك النسبة ما بين 25 و50% كما تختلف تلك النسب من بنك إلي آخر بل وأيضا من منتج لآخر داخل البنك الواحد، كما تختلف أيضا طبقا لحجم دخل العميل طالب التسهيل.
فقد نجد أن السياسات الائتمانية بالبنك الواحد قد تسمح لتلك النسبة بأن تصل إلي 50% لأصحاب الدخول المرتفعة (ستة آلاف فأكثر مثلا) علي اعتبار أن البنك سيقوم باستقطاع ما يقرب من 3000 جنيه شهرياً من العميل ويتبقي له 3000 جنيه لمواجهة متطلبات المعيشة، الأمر الذي يختلف مع أصحاب الدخول الأقل (أقل من 1500 جنيه مثلا) فنجد أن السياسات الائتمانية بالبنك توصي بعدم تعدي تلك النسبة 25% حتي لا تصل قيمة الاستقطاع لما قيمته 750 جنيهاً وعدم قدرة العميل علي مواجهة التزامات المعيشة بالمبلغ المتبقي (750 جنيهاً) بعد استقطاع قيمة قسط البنك.
و بالتالي فإن كنت تنتوي التقدم لطلب الحصول علي تسهيل ائتماني في صورة اي من منتجات التجزئة المصرفية المتنوعة والمنتشرة حاليا في البنوك المصرية، فبإجراء المعادلة البسيطة التي تم ذكرها من قبل، قد تتوقع ما اذا كان البنك سيقوم برفض طلب التسهيل أو قبوله، كما ايضا يمكنك أيضا توقع القيمة التقريبية التي قد يوافق البنك علي منحها لك في اي من صور منتجات التجزئة المصرفية.
فكل منا يعرف إجمالي الدخل الشهري المثبت له كما يعرف أيضا قيمة الالتزامات الشهرية البنكية طرف البنوك المختلفة وبالتالي يقوم باحتساب نسبة تحمل عبء الدين ومن ثم احتساب قيمة القسط الشهري الذي سوف يقوم البنك باعتمادها وتطبيقها علي اي منا، ومن ثم إجراء عملية حسابية اخري لمعرفة اجمالي قيمة التمويل الائتماني الذي سوف يتم اعتماده من البنك والتي بالطبع تزيد كلما زادت مدة التسهيل والتي لا تتجاوز عدد سنين معينة طبقا لسياسة البنك الائتمانية وطبقا لطبيعة المنتج نفسه.
هنا نجد أن تطور عمليات منح وتمويل تسهيلات ائتمانية للعملاء الافراد قد تطورت بشكل كبير داخل بنوك التجزئة المصرفية في مصر من الاعتماد علي معطيات وصفية من الصعب تقييمها أو حتي ثبات تقييمها من مسئول لاخر، إلي الاعتماد علي نسبة تحمل عبء الدين عند المنح وتقديم تسهيلات ائتمانية للعملاء الأفراد.
إلا أن تطور إجراءات المنح لم يقف عند هذا الحد فأغلب البنوك حاليا يعتمد أيضا علي نظام التقييم الائتماني الرقمي والذي سوف يتم شرحه لاحقاً مع تحديد الموانع الأساسية التي قد تؤدي إلي رفض البنوك منح أي تسهيلات ائتمانية للعملاء الأفراد.








