بقلم – مصطفي بيومي
مع التصاعد غير المسبوق فى الحركات الاحتجاجية ذات المطالب الفئوية، يزداد انقسام المجتمع المصرى واختلاف آرائه فى تقييم وتحليل الحالة التى تكشف عن جبال من المظالم، سيطرت على ملايين المصريين لعدة عقود متصلة. التباين جذرى حول مدى مشروعية ما يطالب به المحتجون الساخطون، وحول موضوعية الخطاب الحكومى الرسمى فى الرد عليهم.
لا نجاة من الصدامات المتكررة التى نعايشها الآن بشكل يومى، إلا الإعلاء من شأن مبدأ الشفافية، حيث المصارحة الكاملة بالحقائق غير المنقوصة والمعلومات الموثقة، وبهذا المنهج وحده يُتاح للرأى العام أن يعرف ويحكم، ومن ثم يتخذ موقفاً أقرب إلى العدالة والمنطق.
أين نجد هذه الشفافية الغائبة؟!. المدرسون والأطباء وعمال النقل، وغيرهم من الطوائف، يطرحون تصورهم للأزمة ويدعمونه بعبارات ذات نبرة عاطفية مؤثرة قد تكون المبالغة واردة فيما يقولون، لكن الخطاب المضاد لا يملك رؤية متكاملة يرد بها أو يحقق التوازن، بل إنه لا يتورع عن اللجوء إلى بعض المصطلحات الكريهة الموروثة غير المقنعة، على شاكلة «المصلحة الوطنية العليا» و«التضحية» و«شد الحزام»، وكأننا فى معرض الحديث عن مشاجرة لا تنتهى آثارها بالاحتكام إلى القانون، بل بالإلحاح على قيم العشم وصفاء القلوب والمودة!.
الشفافية ليست قيمة أخلاقية مثالية مطلقة كما يتصور الكثيرون، فهى رهينة – فى المقام الأول – بتوفر المعلومات والبيانات الدقيقة. لغة الأرقام العلمية لا تكذب ولا تتجمل، وانتصار العقل يحتاج إلى مزيج من الوضوح والصراحة والدقة، فضلاً عن تجنب مخاطبة المشاعر والعواطف.
لا ينبغى لأبناء الوطن الواحد أن يتشاجروا ويحتدوا بلا مبرر، وما أجمل أن نختلف من منطلق البحث عن الحقيقة والاتفاق على البديل، وليس من بوابة العناء والجدل العقيم، كأننا نبحث – ويا للعبث – عن قطة سوداء فى غرفة مظلمة!.





