جميع الدراسات التى أجريت حول آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى حزبية وتخلص جميعها إلى نتائج مختلفة تماما، إذن، فما إذا كان هذا الانفصال سيعطى دفعة كبيرة للاقتصاد البريطانى أو يؤدى إلى انخفاض كبير فى الناتج يعتمد على من تصدق.
وتعود عيوب ومزايا عضوية الاتحاد الأوروبى فى نهاية المطاف على الاقتصادات ولكن الدراسات التى أجريت حتى الآن لم تعط إجابة واضحة، لأن أى استفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبى سيتم إجراؤها قبل التفاوض على شروط الخروج.
وأفادت الدراسة التى أجراها حزب الاستقلال البريطانى المتشكك فى الاتحاد الأوروبى أن الاتحاد يكلف بريطانيا %5 من الدخل القومى سنويا، أو ما يعادل 85 مليار جنيه استرليني، فى حين أوضحت بيانات وزارة التجارة أن صافى أرباح عضوية الاتحاد الأوروبى تبلغ %6 من الناتج المحلى الإجمالي، أى بنحو 100 مليار جنيه استرليني.
وفى مفاوضاتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، سوف تسعى بريطانيا للحفاظ على الوضع الراهن ولاسيما وصول السلع والخدمات إلى السوق الموحدة فى أوروبا، وستشهد البلاد حتما فترة من عدم اليقين خلال المفاوضات قد تهدد الاستثمارات والشركات وثقة المستهلك.
وذكرت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» فى تقرير لها أن هناك ثلاثة عناصر رئيسية ستحدد إلى أى مدى سيكون أداء الاقتصاد البريطانيا جيدا فى حال اختيار الناخبين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أولا: السوق الموحد
يعتبر السوق الموحد عنصرا إيجابيا للشركات البريطانية، إذ يسهل على الشركات عملية تصدير الخدمات والبضائع المستوردة لأكثر من 500 مليون مستهلك، ولكن السوق يقوم على قواعد موحدة فى جميع أنحاء الدول الأعضاء وبعض هذه القواعد مرهقة، ولكن تداعيات خروج بريطانية من الاتحاد الأوروبى يتوقف على الاتفاقية التى تتفاوض عليها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، ويوجد ثلاثة خيارات.
الخيار الأول أن تنضم المملكة المتحدة إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية، كما فعلت النرويج، وهذا من شأنه أن يمكن بريطانيا من الوصول إلى السوق الموحد ولكنه ليس بنفس السياسات الزراعية والصيد المشتركة، وسيتعين حينئذ على بريطانيا المساهمة فى موازنة الاتحاد الأوروبى والخضوع للقواعد التنظيمية الخاصة بالتوظيف والخدمات المالية ولكنها لن تكون لها دور فى وضع هذه القواعد.
والخيار الثانى هو الوصول إلى اتفاقية ثنائية مثل سويسرا، وهذا قد يحد من عبء القواعد التنظيمية مقارنة بخيار النرويج، ولكنه يقلل أيضا من إمكانية الوصول إلى السوق الموحد، وليس من الواضح ما اذا كان مثل هذا الخيار سيطرح على طاولة المفاوضات أم لا.
ويكمن الخيار الأخير فى الانفصال التام، فقد تتجنب بريطانيا جميع قواعد الاتحاد الأوروبى التنظيمية ولكن التجارة هى من ستدفع ثمن ذلك مع ظهور العديد من الحواجز أمامها، فسيتم وضع القواعد داخل البلاد ولكن لا يوجد أى يقين حيال تحقيق الشركات نتائج أفضل، وهو ما يؤكده نظام التخطيط البريطانى المتشدد.
ثانيا: المساهمة فى الموازنة
إذا اختارت المملكة المتحدة ترك الاتحاد الأوروبي، ستكون الحكومة قادرة على ادخار على الأقل جزء من مساهمتها فى موازنة الاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن تدفع بريطانيا 11 مليار جنيه استرلينى للاتحاد الأوروبى فى 2014-2015 ويصل هذا المبلغ نهاية البرلمان المقبل 63.9 مليار جنيه استرليني، وفقا لمكتب مسئولية الميزانية البريطاني.
ولكن هذا يعتمد على الاتفاقية التى تتفاوض عليها بريطانيا بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي، فما بين عامى 2009 و2014 ساهمت النرويج بنحو 1.8 مليار جنيه استرلينى فى موازنة الاتحاد الأوروبى مقابل الوصول إلى السوق الموحد.
ثالثا: الهجرة
يقول المؤيدون إنه فى حال انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ستتمكن من السيطرة على الهجرة من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى بدلاً من السماح بدخول أى شخص، ولكن هذا الأمر يخضع للمفاوضات، فمن المرجح أن يطلب الاتحاد الأوروبى حرية التنقل للمواطنين مقابل سهولة الوصول إلى أسواقه.
ولكن تقييد الهجرة قد يكون له عواقب سلبية فالشركات لن يكون أمامها سوى مجموعة صغيرة من العمال لايجاد المهارات التى يحتاجونها، فضلا عن تأثيره المدمر على المالية العامة، ففى نوفمبر الماضي، أوضحت دراسة قام بها باحثون فى جامعة كلية لندن أن مهاجرى الاتحاد الأوروبى دفعوا، خلال العقد الماضي، ضرائب أكثر من المزايا التى حصلوا عليها، إذ بلغ صافى مساهمتهم المالية 20 مليار جنيه استرليني.








