قرارات “المركزى” و”المالية” وراء تفاقم الأزمة.. وأطالب بتكوين مجلس استشارى للاقتصاد الكلى يتبع الرئاسة
مشروع العاصمة الإدارية “خيالى” وحقل الغاز الجديد يخفف الضغوط على القطاع الصناعى
%30 مستهدفات حقيقية للضريبة من الناتج الإجمالى تعادل 600 مليار جنيه
شركات الطاقة والاتصالات وذات الملاءة واعدة للاستثمار.. والعقارات تترقب أزمة سعرية
يرى هانى توفيق، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، أن حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى أى دولة يجب ألا يقل عن 25% من حجم الناتج القومى الإجمالى، وفى مصر يجب ألا يقل عن 500 مليار جنيه، لافتاً إلى أن ما تم جمعه خلال التسعة أشهر الأخيرة لم يتجاوز 5 مليارات دولار استثماراً أجنبياً مباشراً، وهو ما يمثل 8% فقط من المستهدف لأى دولة تريد أن تزدهر وتحافظ على معدلات نمو اقتصادها.
ويوضح “توفيق”، فى حواره لـ”البورصة”، أن مصر ما زالت جاذبة للاستثمار وتعد ثانى أرخص دولة للاستثمار فى العالم بعد روسيا، مشدداً على ضرورة أن تحدد الدولة أولويات الإنفاق الحالية، وتعديل السياسة النقدية، مع تطبيق خطة الإصلاح الهيكلى الكامل لمنظومة الاستثمار، الوسيلة الوحيدة لجذب رؤوس الأموال، والنهوض بمنظومة الضرائب.
ويطالب رئيس جمعية الاستثمار المباشر، بتكوين مجلس استشارى من خبراء الاقتصاد الكلى يتبع رئاسة الجمهورية للبت فى مشاكل المستثمرين على أن تتبع وزارة الاستثمار رئاسة الجمهورية مباشرة.
قال هانى توفيق، إن مؤتمر القمة الاقتصادية بشرم الشيخ كان رسالة سياسية وأمنية لبلاد العالم انتهت ببعض مذكرات التفاهم، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال؛ بسبب تأخر قانون الاستثمار المواحد، وحالة التردد فى إصدار قانون الضرائب الجديد، بالإضافة لتأخير إرجاء الضريبة على الأرباح الرأسمالية.
ولفت إلى أن الاستثمار المباشر فى سوق واعد كمصر يجب أن يكون فى حدود 25% من الناتج القومى الإجمالى سنوياً، أى نحو 500 مليار جنيه “ما بين 60 و70 مليار دولار”، بينما ما تم جمعه خلال التسعة أشهر الأخيرة لم يتجاوز 5 مليارات دولار استثماراً أجنبياً مباشراً بنسبة ارتفاع بسيطة عن العام السابق، والبالغ 4 مليارات دولار فقط، لكن النسبة ما زالت ضعيفة جداً بتقلص 92% عن المستهدف لأى دولة ناشئة.
وأشار إلى أن مصر بها أكبر جهاز إدارى فى العالم يقدر بـ6 – 7 ملايين موظف وهو عبء على الموازنة بما يصل إلى موظف لكل 13 نسمة، بينما فى الصين كمثال موظف لكل 300 مواطن، وفى أوروبا موظف لكل 100 مواطن، بالإضافة لبيروقراطية التنفيذ والتأخر فى سياسة “تستسيف الأوراق”، ما يعد أبرز الأعباء الإنفاقية والاستثمارية لمصر بالوقت الحالي.
وقال رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، إن السياسة النقدية غير مرنة ولا تسمح بتكوين رؤية مستقبلية واضحة للمستثمر؛ نظراً إلى صعوبة تحويلات العملة بسبب قيود البنك المركزى على الدولار، كذلك المؤسسات التمويلية لن تقرض إلا بسياسات تقشفية وضمانات أكبر لن يتمكن المواطن من تحملها فى الوقت الحالي، خاصة بعد هيكلة منظومة الدعم بالوقت السابق.
ويرى أن الوسيلة الوحيدة لمواجهة الفكر الحكومى التقشفى هى تنويع مصادر الدخل بالضغط على الحكومة من خلال منظمات اتحاد الصناعات ورجال الأعمال لسرعة إصدار واستقرار القوانين التى تحمى الاستثمار، كذلك ضرورة بحث إيجاد سبل تمويلية جديدة للشركات كإصدار أسهم مفضلة أو ممتازة وتفعيل دور السندات والصكوك الإسلامية بديلاً عن الاقتراض من البنوك.
ويقول “توفيق”، إن أبرز القطاعات المستهدفة للاستثمار خلال الفترة المقبلة، هو الشركات المستقرة فى نتائج أعمالها، والتى تعتمد على المواطن المصرى فى استهلاكها مثل شركة السويدى للكابلات، فهو المنتج الوحيد للكابلات ورائد التقدم التكنولوجى لمحطات الكهرباء على مستوى العالم، كذلك شركات الإنشاء مثل “أوراسكوم كونستراكشن”، بالإضافة إلى شركات الاتصالات، والتى ما زال سوقها واعداً، بينما استبعد الشركات المستوردة للخامات، بالإضافة لقطاع السياحة كذلك الشركات التى تتعاقد بالجنيه واستيرادها بالدولار، والتى يرى الابتعاد عنها تماماً، فى حين يجب إعادة النظر بالشركات الكثيفة الاستخدام للطاقة مثل الحديد والأسمنت والتى تعانى من أزمة الطاقة والإضرابات العمالية، وتوقف مدها بالغاز والكهرباء، ما حولها للخسائر بالعام المالى السابق.
وفيما يتعلق بأزمة أسواق المال العالمية، قال “توفيق”، إن بورصات الأسواق الناشئة مرنة فى أوقات الانخفاض أو الهبوط ومعامل الارتباط بينها وبين الأسواق العالمية قوى جداً، والعكس فى حالات الصعود، ويكون انتقائياً ينتقى فيه المستثمر أسهماً لقطاعات بعينها، وتكون فيها فرص الربحية أكبر، مُشيراً إلى أنه أمر تكرر 4 مرات خلال الـ20 عاماً الماضية، فقد حدث مرة فى عام 1997 عندما حدثت أزمة مالية فى جنوب شرق آسيا، وحدثت مرة أخرى فى 2002، ومرة أخرى فى 2008، ثم الأزمة الحالية فى 2015.
ولفت إلى الفجوة بين أسعار الأسهم المقيدة بالبورصة والأسعار فى الاقتصاد الحقيقي، وسط حالة من عدم الاستقرار بالمنطقة أمنياً وسياسياً وتأخر فى إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الضرائب وعدم الاستقرار.
وقال إن كل ذلك أدى إلى الانخفاض فى السوق المصرى أضف إليه انقطاع الغاز المستمر عن المصانع، وهو ما أثر على حجم الإنتاج المُصدر، وهو ما يؤكد أن الاقتصاد الحقيقى به مشكلة كبيرة، وأن الأسهم مقيمة بأعلى من قيمتها الحالية، خاصة بعد ظهور الأزمة فى مشكلة سهم “إعمار” الذى طرح مؤخراً فى السوق، كل ذلك أدى إلى انخفاض أحجام التداول بنحو 75%، وانخفاض شهية المستثمرين.
ويرى رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، أن مصر فى حاجة إلى تخفيض أسعار الجنيه، خاصة أنه مقيم بأعلى من قيمته الحقيقية أمام الدولار، وقد أظهرت أحدث دراسة معدة من بلومبرج، أنه يعد أغلى عملة فى العالم باستثناء
الدولار الأمريكي، وبالنظر إلى عملات العالم من أول العام الجارى حتى 30 يونيو 2015 نجد أن الدولار الكندى هبط أمام الدولار الأمريكى بنحو 33%، وكذلك الدولار الاسترالى هبط بنحو 15%، والين اليابانى هبط 18%، وكذلك اليورو انخفض بنسبة 21% أمام الدولار، بينما الجنيه المصرى لم يهبط أمام الدولار سوى 10%، وهو الأمر الذى يجعل الأصول المصرية مرتفعة أمام المستثمر الأجنبي.
ففى البنوك المركزية فى روسيا وأمريكا، يستطيع البنك أن يوازن بين اسعار صرف العملات مع العملة المحلية، بينما فى مصر لا يملك البنك المركزى بديلاً أمام أسعار الدولار التى تتحدد بالعرض والطلب، لافتاً إلى أن بعثة صندق النقد الدولى ستزور مصر، قريباً، وسيتم فتح ملف سعر الصرف وتعويم الجنيه المصرى، وكذلك تحريك الدعم بشكل أكبر وإعادة هيكلة منظومة الضرائب لتقديم جميع الضمانات لبحث إقراض مصر 12 مليار دولار.
بينما على النقيض تملك مصر الباحثة عن قرض كبير لسد عجز الموازنة واحدة من أكبر أعداد سيارات مرسيدس فى العالم.
وأشار هانى توفيق، إلى غياب الرؤية الاقتصادية الشاملة للعاملين على السياسة النقدية فى مصر، ممثلين فى وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، بينما فى الصين خفضت عملتها ثلاث مرات فى أسبوع واحد، كذلك خفضت أسعار الفائدة لإغراء المستثمر وقطاع المدخرين للاستثمار، بعد أن فقدت أسواق المال نحو 4 تريليونات دولار فى الأزمة الأخيرة فى شهر واحد.
أضاف أن التباطؤ الأوروبى أدى إلى انهيار الصين، ومصر أصبحت ثانى أرخص سوق ناشئ فى العالم بعد روسيا، ما يجعل الأسعار جاذبة للاستثمار، ويجب على مصر خفض عملتها خلال الفترة المقبلة لدعم الاستثمار بشكل كامل.
قال “توفيق”، إن النظام الضريبى بمصر لم يستطع إدخال الاقتصاد غير الرسمى ضمن المنظومة، رغم إصدار لائحته التنفيذية، حيث بلغت متحصلات الضرائب خلال العام المالى الماضى ما يقارب 250 مليار جنيه، وهو ما يعد 42% من المستهدف الحقيقى للضريبة لدولة كمصر يبلغ الناتج القومى الإجمالى لها 2 تريليون جنيه، ويرى أنه يجب أن تضع مستهدف30 % من ناتجها بما يعادل 600 مليار جنيه كل عام.
ولفت إلى أن الدعم العربى لمصر تراجع مع تراجع أسعار الدولار بالعام الماضى 60%، ما قلص الاستثمارات والمنح والقروض والمساعادات الخليجية لمصر من 28 مليار دولار فى 2014، إلى مستهدف وضعته الحكومة بموازنتها الحالية 2 مليار دولار.
أما عن مستقبل الاندماجات والاستحواذات فى مصر، فتوقع ألا تعود المؤسسات الاستثمارية لممارسة النشاط فى مصر إلا بعد إصلاح هيكلى كامل لمنظومة الاستثمار المتمثل فى سياسة نقدية ومالية واضحة وضرائب محددة غير متقلبة بالظروف والسياسات الحكومية، بالإضافة لإيجاد مناخ استثمارى ملائم وحوافز وتسهيلات.
وقال “توفيق”، إن مشروع العاصمة الإدارية “مشروع خيالى” وقناة السويس الجديدة “تفريعة”، والدولة فى حاجة إلى هذه الأموال لتمويل المصانع المغلقة أو التى تعمل بنصف طاقتها وإعادة الإنتاج، مٌضيفاً أنه لا يرى سبباً للصمت على إنفاق جميع الأموال التى جمعتها فى مشروع القناة على الرغم من وجود مشروعات أولى، ويجب أن يكون هناك أولويات للإنفاق مثلاً فى مشروعات تنمية محور القناة وعمل مشروعات لوجستية ذات عائد سريع يسد عجز الموازنة.
ويتوقع “توفيق” بعد اكتشاف حقل “شروق” ثانى أكبر حقل غاز بمنطقة الشرق الأوسط، أن يُدخل الاكتشاف مصر ضمن أكبر منتجى الغاز فى المنطقة، والعمل على وفائها للكثير من الالتزامات وتخفيف الضغوط على القطاعات الصناعية، وهو ما سيعود على القطاعات المدرجة بالبورصة المصرية، وهو ما لمسنا أثره فى أسهم حديد عز وغاز مصر.
ويرى أن الحكومة مكبلة بعدد من المشاكل اليومية الخاصة بكل وزارة، أما أداء المجموعة الاقتصادية، فلا يرقى إلى المهمة ولا إلى الأمانى والطموحات التى تستحقها مصر، ويطالب بتكوين مجلس استشارى من خبراء الاقتصاد الكلى يتبع رئيس الجمهورية مباشرة، وتكون اجتماعاته أسبوعية للخروج بتوصيات تقوم عليها السياسة الاقتصادية للدولة، بعد الاطلاع على ما يحدث بجميع دول العالم، بالإضافة لوضع حلول قصيرة الأجل لمعالجة الضغوط اليومية للأزمات بمصر، كما يجب أن تتبع وزارة الاستثمار رئاسة الجمهورية مباشرة تجنباً لدهاليز الحكومة والدخول بدوامة البيروقراطية وسياسات ما يسمى “تستيف الأوراق”.







