فيما ينذر بعودة الثورة من جديد إلى الشارع بقوة أكبر من ذى قبل، انطلقت المظاهرات والمسيرات الغاضبة ظهر أمس احتجاجا على الأحكام التى صدرت بحق الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك وصديقه ونجليه ووزير داخليته ومساعديه الستة، وطالب المتظاهرون الذين انطلقوا فى جميع المحافظات بالقصاص العادل من قتلة الثوار وتطهير القضاء وإعادة المحاكمة مرة أخرى.
جاء ذلك فى أعقاب الحكم الذى أصدره القاضى أحمد رفعت بالسجن المؤبد على مبارك وحبيب العادلى، فى ضوء ما أسند إليهما فى قرارات الاتهام بالاشتراك فى جرائم القتل المقترن بجنايات الشروع فى قتل آخرين، وبراءة 6 من مساعدى وزير الداخلية الأسبق لعدم توافر أدلة الثبوت عليهم، وكذلك براءة مبارك ونجليه وحسين سالم من اتهامات الفساد المالى لانقضاء المدة المسقطة للدعوى الجنائية.
وقال التليفزيون المصرى أمس إن مبارك اصابته أزمة صحية حادة فور وصول الطائرة التى تقله إلى سجن طرة ورفضه دخول السجن قبل أن يستجيب لأمر النائب العام الذى تقدم بطعن على الأحكام التى أصدرتها المحكمة، فى الوقت الذى رأى قانونيون أن ضعف أدلة الثبوت وقرارات الاتهام التى قدمتها النيابة كانا السبب الأول فى ضعف الأحكام الصادرة أمس، ورأوا أن الحكم شابه عوار.
وأصاب الحكم المصريين بالإحباط والصدمة الشديدة خاصة أهالى الشهداء والمصابين، على اعتبار أن مبارك والعادلى بإمكانهما الحصول على حكم مخفف فى ساعة كما أصابهم بالخوف على مستقبل البلاد والتشاؤم حيال استكمال انتخابات الرئاسة، خاصة مع انطلاق مسيرات فى بعض المحافظات، كالإسكندرية، إلى أقسام الشرطة ما جدد المخاوف من عودة هذه المشاهد من جديد، فضلا عن احراق عدد من سيارات الأمن المركزي، كما هو الحال أمام دار القضاء العالي.
وجاءت الصدمة من عدم ارتفاع الأحكام إلى مستوى الكلمة التى ألقاها رئيس المحكمة قبل أن يتلو منطوق الحكم، أن أشعة صباح يوم 25 يناير نفذت شعاعاً نقياً زالت عنه الشوائب العالقة، فتنفس الشعب الذكى بعد طول كابوس ليل مظلم أخلد لثلاثين عاما من ظلام دامس حالك بلا أمل أو رجاء أن ينقشع عنها، وأن ارادة الله فى علاه أوحت إلى شعب مصر وأبنائها البواسل تحفهم الملائكة لا يطالبون ساستهم ومن تربعوا على عرش النعم والثراء والسلطة برغد العيش بل أن يوفروا لهم لقمة العيش ونوماً فى منازل كريمة وانتشال أبناء وطنهم من عفن العشوائيات بعد افتراشهم الأرض وتلحفهم بالسماء كما طلبوا فرصة عمل تدر عليهم رزقا حلالا يكفى لسد حاجتهم، وانتشالهم من هوة الفقر إلى الحد اللائق بإمكانياتهم منادين سلمية سلمية سلمية من أفواههم وبطونهم خواء وقواهم لا تقوى على المناضلة والجهاد، صارخين أنقذونا ارحمونا انتشلونا من الذل والهوان.
ودعت عدة أحزاب وحركات سياسية، فى مقدمتها الحرية والعدالة، وحملات المرشحين الرئاسيين الذين خسروا الجولة الأولى، خاصة حملتى حمدين صباحى ود. عبد المنعم أبو الفتوح، وكذلك روابط الألتراس، للنزول إلى الميادين احتجاجا على الحكم الذى اعتبرته حركة 6 ابريل بمثابة عودة إلى المربع صفر، فى الوقت الذى أغلق فيه المتظاهرون مداخل ميدان التحرير تمهيدا للاعتصام وتوافد عليه الآلاف من الغاضبين بعد ساعات قليلة من إصدار الحكم.
وطالب المتظاهرون فى ميادين التحرير بالقصاص السريع، على طريقة شاوشيسكو” ووصفوا المحاكمة بالهزلية وأنها مسرحية لن تنطلى عليهم، ورددوا هتافات “باطل” و” الشعب يريد الثورة من جديد” و”الثورة مستمرة” و”المرة دى بجد.. مش هنسيبها لحد”، و”يا نجيب حقهم يا نموت زيهم”، وطالبوا بتطبيق قانون العزل السياسى فورا لإبعاد المرشح أحمد شفيق عن جولة الإعادة، ولوحظ عدم نصب أى منصات داخل ميدان التحرير.
وانضم إلى الثوار فى ميدان التحرير المرشح الرئاسى الخاسر حمدين صباحى، ليرفعه المتظاهرون على الأعناق خاصة بعد تزايد شعبيته لما حققه من تقدم فى السباق الانتخابي، جنباً إلى جنب مع المرشح الخاسر أيضاً خالد على.
إلا أن عددا من الخبراء والمتابعين طالب القوى السياسية والأحزاب والحركات بالتوحد والاستقرار على الخطوات المقبلة بشكل واضح، وصولا لتحقيق أهداف الثورة والقصاص للشهداء.
وعلى مستوى حملات المرشحين المتنافسين على رئاسة الجمهورية، جاءت الأحكام، التى يراها الشارع مخففة، فى صالح د. محمد مرسي، مرشح الحرية والعدالة، الذى ارتفعت أسهمه بقوة أمس ضد اعادة انتاج النظام السابق، وتعهد مرسى بإعادة محاكمة مبارك وأعوانه فى حالة فوزه بمنصب رئيس الجمهورية قائلا إن دماء الشهداء فى رقبته، وعلقت الحملة أعمالها احتجاجاً على الأحكام المخففة.
من جانبه، أكد الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسى وآخر رؤساء الوزارة فى عهد الرئيس المخلوع، احترامه أحكام القضاء فى حالة فوزه فى جولة الاعادة، وقال فى بيان أمس ان أى رئيس قادم لابد أن يعى درس التاريخ، فلم يعد هناك أحد فى مصر فوق المحاسبة، فيما حمَّله اتحاد الثورة المسئولية وقت أن كان رئيسا للوزراء باعدام الأدلة والتسجيلات والسجلات والملفات التى تدين المتهمين.