بقلم: هبة صالح
بعد أن يهدأ غبار الانتخابات الرئاسية المضطربة فى مصر، سوف يتسلم قائد جديد زمام السلطة، إلا أن النزاع على السلطة سوف يظل قائما بين ثلاث قوى هى الاخوان المسلمون والجيش والقوى الثورية من الشباب الذين قادوا الثورة ضد الحكم الديكتاتورى لحسنى مبارك، وسوف يستمر هذا النزاع على السلطة من قبل القوى الثلاتة فى تشكيل ديناميات سياسة المستقبل القريب لمصر.
وقد أظهرت نتائج الجولة الاولى من الانتخابات تفتتا فى أصوات الناخبين حيث نجد ان ربع الاصوات فقط ذهب إلى محمد مرسى، مرشح الاخوان المسلمين، والربع الاخر ذهب إلى احمد شفيق، رجل الجيش السابق الذى يُنظر اليه على انه حامل لواء النظام القديم الذى مازالت جذوره متأصلة فى الجيش والأجهزة الأمنية.
وذهب نحو 40% من الأصوات إلى حمدين صباحى، الشخصية الاشتراكية، وعبد المنعم ابو الفتوح، الاسلامى المعتدل، ويُنظر إلى هذين المرشحين على انهما القادران على مواجهة الجيش فضلا عن كونهما من “معسكر الثوار”، ولكن لا احد يعلم حتى الان كم شخص من مؤيديهم سيدعم احد مرشحى الجولة الثانية فى يونيو القادم.
ويقول المحللون ان قراءة النتائج من ابسط ما يكون وذلك عن طريق مطابقتها إلى حجم كل قوى فى الشارع، فنجد ان ابوالفتوح كان قد استقطب اصوات السلفيين فى الجوله الاولى وهم الآن سوف يدعمون على الأرجح السيد مرسى باعتباره المرشح الاسلامى المتبقى فى سباق الرئاسة، كما ان بعض مرشحى ابو الفتوح وصباحى من المحتمل ان يمتنعوا عن التصويت ليتجنوا الخيار الاليم بين الاخوان المسلمين والنظام القديم، وسوف يرشح البعض احد المرشحين على اساس انه افضل الاسوأ.
ونجد الفيس بوك، المنتدى المفضل لدى الفئات المشاركة بالسياسة المصرية، مكتظ بالليبرالين الذين يقولون انهم سوف يصوتون لمحمد مرسى وهم مسدودو الأنف حتى يمنعوا ما يرونه عودة لنظام مبارك متجسداً فى شفيق، ويقولون ايضا ان ايدى الاخوان المسلمين ليست ملطخة بالدماء فضلا عن عدم اقتناعهم بربط الحالة الامنية بتولى احمد شفيق، رجل الجيش السابق، السلطة.
كما يزعم العديد من اعضاء شبكة التواصل الاجتماعى ان السيد شفيق هو الخيار الافضل لانه سوف يتصدى للإسلاميين كما ان الاطاحة به، فى رأيهم، سوف تكون اسهل اذا بالغ فى سياسة القمع، وحجتهم فى عدم دعم مرسى هو ان الاخوان المسلمين يسيطرون بالفعل على البرلمان ومن المتوقع ان يرأسوا الجمهورية المقبلة لذلك فهم فى طريقهم لان يضعوا لانفسهم اساساً راسخاًأى العام بات من الصعب التنبؤ بالمرشح الذى سيتم انتخابه، ومع عدم وجود دستور يحدد دور الرئيس القادم وسياسة الامر الواقع التى يمارسها الجيش على الدولة والأجهزة الامنية، فالمستقبل فى مصر لا يحمل سوى مزيد من الصراعات على السلطة.
ونجد ان الشعب المصرى لم يقتنع بعباءة الثورة التى حاول كل من مرسى وشفيق ارتداءها, ومع وصول هذين المرشحين إلى الجولة النهائية بالانتخابات الرئاسية يجد المصريون انفسهم مضطرين للاختيار بين بدائل لا يكنوا لهم سوى البغض والكراهية.
والمخرج الوحيد هو تخلى الاخوان المسلمين عن غموضهم وان يوضحوا كيف سيحكمون البلاد، فقد حان الوقت لقيامهم بالتوقيع على تعهدات مفصلة تضمن للشعب الحريات السياسية والشخصية بما فى ذلك حقوق المرأة والمسيحين وان توضح الجماعة كيف ستتقاسم السلطة مع الحكومة الائتلافية التى تعهدت بتشكيلها، ومن ضمن التدابير التى من شأنها بناء الثقة بين الاخوان المسلمين ومعارضيهم هى توقف الاخوان المسلمين عن تهميش القوى العلمانية فى عملية كتابة الدستور، واتخاذ الخطوات اللازمة للكشف عن اوضاعهم المالية وهوية اعضائهم.
ويقول الاخوان المسلمون انهم على استعداد للاستماع إلى الأفكار المختلفة حول كيفية تقاسم السلطة، إلا ان المحللين يحذرون من ان منظمة مثل جماعة الاخوان المسلمين عانت طويلا من الاضطهاد وتشم الان رحيق السلطة سوف يكون من الصعب عليها ان تكون اكثر استماعا وانفتاحا فى الوقت الحاضر.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: الفاينانشيال تايمز