بقلم: حسين عبد ربه
لم تشفع دماء المصريين التى سالت الأيام الماضية فى أن تكسر حالة العناد السياسى سواء لمؤسسة الرئاسة أو جبهة الإنقاذ الوطنى، فعلى الرغم من دعوات الحوار التى طرحت والتى فرضتها بحور الدم فى عدد من المحافظات فإن البعض يريد أن يستثمر ما حدث بالبلاد الأيام الماضية، من فوضى وأحداث عنف، فهناك من يراها فرصة لإسقاط النظام الحالى وهناك من يراها فرصة ليظهر كيف أن الطرف الآخر قد تسبب أو شارك فى صنع هذه الأحداث المآساوية.
وبدلاً من أن يبادر كل طرف بالبحث عن حلول للخروج من المأزق الراهن راح كل طرف يفرض شروطه ويحدد مع من يمكن أن يتحاور وطرف آخر يرفض الحوار قبل أن يبدأ بحجة عدم وجود ضمانات تثبت جدوى هذا الحوار.
وكأن الطرفين لا يدريان ما حدث بالبلاد أو أن رائحة دماء الضحايا ودموع أمهاتهم كانت مجرد صور تتناقلها شاشات الفضائيات من أماكن أخرى بعيداً عن مصر التى لم تشهد ما تشهده حالياً على مدى تاريخها.
فماذا يضير الرئيس مرسى من أن يدعو كل القوى السياسية للحوار وأن يؤكد أن الحوار مفتوح، وأنه يقبل بأى مطالب طالما تضمن حقن دماء المصريين وتغلب مصلحة الوطن على مصلحة الجماعة أو الحكم.
وماذا يضير جبهة الإنقاذ لو ذهبت للحوار وعرضت كل مطالبها على مائدة الحوار لتعلن للشعب أنها على استعداد أن تمد يدها للنظام الحاكم للتعاون معه لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، لتؤكد أن هدفها هى أيضاً مصلحة الوطن وحقن دماء المصريين.. فماذا يفيدها لو ذهبت للحوار.
لماذا تؤكد الجبهة كل يوم أنها تبحث عن مصالحها فى الانقضاض على السلطة، وأن كل ما يحدث من فوضى هو فى صالح أهدافها، إذا كانت الجبهة تقول إن النظام يخسر وشرعيته تتآكل فهى أيضاً تخسر الشارع لأنها لم تبادر فى هذه الظروف وتطلب هى الحوار مع الرئيس.
نعم أن الرئيس مرسى يتحمل مسئولية ما يحدث بالبلاد، لأنه تأخر كثيراً فى بعض الأمور وأخطأ كثيراً فى قراراته.. وأخطأ الرئيس عندما اختار حكومة ضعيفة لإدارة البلاد ولم يختر حكومة ائتلافية من مختلف القوى السياسية لتيسير أمور البلاد لحين إجراء انتخابات مجلس النواب.
قد يقال إن القوى السياسية ترفض المشاركة فى الحكومة وقتها يتم إعلان ذلك للشعب ليتحمل كل طرف مسئوليته.. أخطأ الرئيس أيضاً عندما ترك أذنه للمحيطين به من أبناء جماعته ولم يستمع لأهل الخبرة والمشورة.
ماذا ينتظر الرئيس ليدير البلاد هل هو السبب فى وقف حال البلاد فى الوقت الحالى انتظاراً لأن تأتى حكومة من الإخوان فى الانتخابات المقبلة حتى يعمل معها.
وهل البلاد تتحمل وقف الحال؟! أم ماذا.. نفس الأمر ينطبق على جبهة الإنقاذ المعارضة التى لم تطرح مبادرات حقيقية تؤكد وجودها فى الشارع.. لم نسمع عن أن الجبهة تتحرك فى القرى والنجوع لتحشد أصواتها للانتخابات المقبلة.. الجبهة التى تضم شخصيات كبيرة ذات أسماء رنانة على الفضائيات للأسف لا وجود لها فى مسقط رأسها.
إن الأمر الآن خطر وجلل ودماء المصريين لا يجب أن تهدر هكذا.. وإلا فلماذا يسقط الشهداء؟ هل يسقطون من أجل الدفاع عن النظام الحاكم أو من أجل مصالح زعماء المعارضة الطامعين فى الحكم؟!
نحن بهذا العناد السياسى ندفع بالبلاد إلى ما هو أخطر من الفوضى إلى حرب أهلية إلى ما أصبحنا نسمع عنه لأول مرة فى تاريخ مصر ما يسمى بالميليشات.. فهل يأخذ مرسى وجبهة الإنقاذ مرسى إلى عراق جديد.








