توقع مسئولو قطاع التأمين أن يؤدي استمرار ارتفاع سعر الدولار إلي التهديد بإلغاء اتفاقيات الإعادة للشركات المحلية مع الشركات الإعادة العالمية نظراً لأن الشركات ملتزمة بسداد حصة معيدي التأمين بالدولار خلال مدة محددة تصل أقصاها إلي 3 شهور في تعاقدات الإعادة الاختيارية.
أوضح المسئولون أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه سيؤثر سلباً علي ميزانيات شركات التأمين نتيجة تسديدها حصة معيدي التأمين بالدولار مقابل تسديد التعويضات بالجنيه المصري.
قال حامد محمود صلاح الدين، نائب المدير العام لإعادة التأمين بالشركة المصرية للتأمين التكافلي ممتلكات، إن شركات التأمين لديها اتفاقيات إعادة تأمين سنوية، وتقوم بعمل حسابات ربع سنوية كل 3 شهور، ويتم سداد حصة معيدي التأمين من الأرصدة المستحقة لهم.
وأضاف أنه عند السداد لمعيدي التأمين يتم الاتفاق علي الرصيد بالجنيه، وسداده لشركات الإعادة بالدولار الأمريكي وفقا للاتفاقيات بعد مطابقة الأرصدة بين الطرفين، وأن أزمة اختفاء الدولار عقب الأحداث، التي أعقبت الثورة أدت إلي قيام البنك المركزي بوضع قيود علي البنوك المصرية بعدم تحويل الأرصدة الدولارية للخارج، إلا بعد اشتراطات معقدة، وفي نفس الوقت لم تعد البنوك تقوم بتحويل أرصدة بمبالغ كبيرة.
وأوضح صلاح الدين أن اشتراطات البنك المركزي في توفير الدولار تؤدي لوجود صعوبة في تسديد شركات التأمين لحساباتها ربع السنوية، التي يصعب تحويلها إلي الدولار، وأن شركات التأمين واجهت العديد من الصعوبات في تعاملاتها مع البنوك خلال الفترة الماضية، نتيجة اشتراط بعض البنوك عدم تحويل ما يزيد علي 50 ألف دولار أو طلب مستندات وبيانات وشروط تعجيزية، حيث تعطي البنوك الأولوية لتوفير الاحتياجات الأساسية، التي يتم استيرادها من الخارج، التي تغطي الاحتياجات الغذائية.
وأشار إلي أن تلك التعقيدات أدت إلي طول فترة الإجراءات الخاصة بسداد شركات التأمين لحصة شركات الإعادة بالخارج، حيث أصبحت تستغرق ما يتراوح بين 3 و4 شهور مقابل ما لا يزيد علي أسبوع واحد فقط خلال الفترة الماضية، وهو ما يعرض اتفاقيات التأمين للإلغاء من جانب معيدي التأمين مع الأخذ في الاعتبار أن تعاقدات شركات التأمين قائمة في معظمها علي الإعادة بالخارج.
ولفت نائب المدير العام لإعادة التأمين بالشركة المصرية للتأمين التكافلي ممتلكات إلي أن الوضع يزداد صعوبة بالنسبة لعمليات الإعادة الاختيارية، التي تقوم الشركات العاملة بالسوق مع معيدي التأمين لكل حالة خاصة في حالة الأخطار الكبيرة أو الأخطار المستثناة من الاتفاقيات علي اعتبار أنها واجبة السداد في الحال وفي حالة عدم قيام الشركات بسداد القسط التأميني في حالة وقوع الخطر تمتنع شركة الإعادة عن صرف التعويضات، إضافة إلي أن بعض معيدي التأمين تشترط سداد حصة الإعادة خلال مدة محددة.
وشدد صلاح الدين علي أن العام 2011 يعد الأسوأ في إعادة التأمين عالميا لكثرة الكوارث الطبيعية مثل زلزال اليابان وفيضانات تايلاند إضافة إلي ثورات الربيع العربي، وبالتالي فإن سوق إعادة الـتأمين العالمي بدأ بالاتجاه إلي التشدد في الأسعار والشروط، حيث لا يوجد أمام الشركات بديل آخر غير تحقيق ربح ناتج من إرباحية الاتفاقيات والتغطيات الإختيارية، وهو ما يؤكد ضرورة التزام أسواق التأمين المباشر بالأسعار والشروط السليمة والبعد عن المنافسات الضارة.
وأوضحت سامية حيدة، نائب العضو المنتدب للشئون الفنية بشركة جراسافوا ري لوساطة إعادة التأمين، أن اختلاف سعر الدولار للجنيه خلال الفترة بين سداد الأقساط وسداد التعويضات بسبب تغير سعر الصرف يؤدي إلي إلحاق الضرر بشركات التأمين، وذلك لعدة عوامل أولها نتيجة لاضطرارها لتسديد الأقساط لمعيدي التأمين بالخارج بالدولار، رغم أنها تحصل عليها من العميل بالجنيه، مما يضطرها لتوفير العملة الاجنبية سواء دولار أو اليورو من مواردها الخاصة.
وقالت حيدة إنه في ظل ندرة العملات الأجنبية والقيود التي تفرضها بعض البنوك لتوفير المطلوب منها يزيد المشكلة تعقيداً هو إلزام شركات الإعادة لشركات التأمين المتعاقدة معها بسداد الأقساط خلال مدة محددة تتراوح بين شهرين أو ثلاثة اشهر في العمليات الاختيارية، وإلا ألغيت حصة معيد التأمين أو الحد الأقصي لسداد أرصدة العمليات الاتفاقية، وهو ما يهدد بإلغاء الاتفاقيات نتيجة عدم قدرة شركات التأمين علي توفير العملات الصعبة لسداد التزاماتها تجاه معيدي التأمين.
وأضافت أن سداد التعويضات، الذي غالبا ما يكون بعد فترة من سداد الاقساط، فإنه يتم بسعر تحويل مغاير لما تم سداد الارصدة به، الذي غالبا ما يكون لغير صالح شركات التأمين، نتيجة للارتفاع المستمر لأسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه خاصة في الفروع، التي تتميز بطول فتره التأمين مثل الهندسي أو بطول الفترة ما بين وقوع الحدث وتسويته نهائيا كما هو الحال في تأمين المسئوليات والبترول وأيضا الطيران، خاصة أن الحكومة ألغت من زمن بعيد تثبيت سعر العملة، الذي كان يعمل به في السبعينات والثمانينيات، الذي كان يضمن العدالة لكلا الطرفين.
وتوقعت حيدة حدوث مشاكل عديدة لشركات التأمين عند تجديد اتفاقياتها حال لا قدر الله ان عجزت الشركات عن توفير الدولار لسداد حصتها لمعيدي التأمين.
وقال عمرو مدحت، مدير إدارة إعادة التأمين بشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين “gig” إن ارتفاع سعر الدولار يمثل كارثة علي شركات التأمين العاملة بالسوق بسبب وجود صعوبة في توفيره بما يهدد بإلغاء اتفاقيات معيدي التأمين، علي اعتبار أن العملة المتداولة في اتفاقيات الإعادة علي مستوي العالم هي الدولار.
وتوقع حدوث تشدد من جانب معيدي التأمين في صرف التعويضات للشركات المصرية في حال عدم التزامها بسداد حصة الأقساط الخاصة بها، خاصة أنها تشترط سدادها خلال وقت معين من العام وفقا لحسابات كل ربع سنوي.
وأشار إلي أن هناك صعوبة تواجه عملاء شركات التأمين حاليا في سداد العمليات، التي يتم تقييمها بالدولار، وهو ما سيؤثر بالطبع علي التزام شركات التأمين في تسديد حصة الإعادة خاصة مع صعوبة تقبل شركات الإعادة أن يتم التسديد بالعملة المحلية.
وحذر مدير إدارة إعادة التأمين بشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين من حدوث أزمة بين شركات التأمين وشركات الإعادة إذا لم يتم إيجاد حلول بديلة لتوفير الدولار بالسوق، نتيجة لوجود صعوبة لدي البنوك في توفير أرصدة كافية لشركات التأمين.
واستبعد مدحت أن يؤدي تأسيس شركة إعادة مصرية إلي التخفيف من الأزمة الحالية، لأن شركة الإعادة المصرية في حال تأسيسها ستقوم بتصدير جزء من أقساطها لشركات الإعادة العالمية بالدولار، إلا أن وجود هذه الشركة قد يساهم في تقليل حجم الأقساط المطلوب سدادها للشركات العالمية بالدولار.
وأكد أن الأحداث الأخيرة تندرج تحت تغطيات الشغب والاضطرابات الأهلية وهي غير مغطاة ضمن اتفاقيات إعادة التأمين، وأن الشركات تقوم بتوفيرها بمبلغ تأميني محدد طبقا لقرارات اتحاد شركات التأمين، إضافة إلي أن شركات الإعادة وضعت الأحداث الحالية في اعتبارها عند تجديد اتفاقيات 2013، بالتالي فلن يكون لها تأثير علي اتفاقيات الإعادة خلال الفترة القادمة.
وفي سياق متصل قال محمد عبدالجواد، العضو المنتدب لشركة المشرق العربية للتأمين التكافلي، إنه من المستبعد وجود تأثير ملحوظ لارتفاع أسعار الدولار علي تعاقدات اتفاقيات الإعادة لشركات التأمين في الوقت الحالي، وأنه من المنتظر أن تظهر تلك التأثيرات خلال تجديد اتفاقيات الإعادة للعام الجديد لتوقع انخفاض حجم الأقساط التي تسدد فعلياً للنصدرين بالدولار.
واضاف أن المشكلة الرئيسية التي تواجه شركات التأمين هي تأخر البنوك عن توفير الدولار لشركات التأمين، وأن الأزمة الحالية للدولار سوف تؤثر علي حجم الأقساط الدولارية ، التي تقوم الشركات بتسديدها لشركات الإعادة.
كتب – محمد عزب