جلس لاري ادواردز، الذي كان يعمل «جنايني» في جزيرة بيا آيل بارك بمدينة ديترويت حتي أجبر علي التقاعد جراء اصابته في الركبة، في كرسيه المتحرك يتذكر كم كانت الجزيرة جميلة قبل أن يبدأ المواطنون في مغادرة المدينة ويحل محلهم الساسة الفاسدون.
يقول ادواردز إنه طالما أن معاشه محميا طبقا للدستور، فلا يساوره القلق حيال إفلاس المدينة ولكنه يجب أن يقلق.
وبعد أن اعلنت مدينة ديترويت افلاسها يوم الثامن عشر من يوليو الجاري، سعت المدينة للحماية من دائنيها بما في ذلك أصحاب المعاشات أمثال ادواردز ما جعلها تلجأ إلي محكمة الافلاس، إلا أنه من المستبعد أن يتغير شيئا خلال الأشهر الستة المقبلة.
لكن كيفن اور، مدير قسم الطوارئ في المدينة الذي عينه حاكم ولاية ميتشيجان، قال، إن المتقاعدين سوف يرون في الحاضر وفي المستقبل خفضا في الاجزاء غير الممولة من معاشاتهم، ومن المرجح أيضا أن تنخفض مزايا الرعاية الصحية.
ديترويت هي أكبر مدينة أمريكية تعلن إفلاسها، تقدر قيمة ديونها طويلة الاجل بنحو 18.2 مليار دولار منها نحو 9.2 مليار دولار استحقاقات التقاعد غير الممولة، تنفق المدينة منذ عام 2008 أكثر من ايراداتها بنحو 10 ملايين دولار، وقد احبطت محاولاتها الاخيرة لإصلاح نظامها المالي بسبب اقتصادها الضعيف وانكماش عدد السكان، كما انخفضت عائدات ضرائب العقارات بنسبة 20% منذ 2008، في حين انخفضت عائدات ضرائب الدخل بنسبة 30% منذ 2002.
كانت الأزمة آخذة في التراكم منذ عقود، فمنذ خمسين عاما كانت المدينة غنية، حيث كانت تنتج جينرال موتورز وفورد وكرايسلر في ديترويت جميع سياراتها تقريبا التي تباع في امريكا، وكانت موطنا لنحو 1.8 مليون شخص ولم يبق منهم الآن سوي 700 الف مواطن فقط اغلبهم فقراء وتعليمهم ضعيف.
لم تساعد تحولات الاقتصاد العالمي مدينة ديترويت علي تجنب اعلان افلاسها، حيث ناضلت الثلاث شركات الكبري لصناعة السيارات في ديترويت من أجل التنافس مع شركات صناعة السيارات الاجنبية، وقد وصلت ديون المدينة إلي عنان السماء علي أيدي قاداتها حتي أن سكانها الذي تقلص عددهم لن يتمكنوا أبدا من سداد تلك الديون، حيث دفعت تلك الديون مدينة ديترويت إلي رفع الضرائب وخفض الخدمات، ما جعلها مكانا أقل جاذبية للعيش به، وأدي ذلك إلي مزيد من التراجع في الكثافة السكانية، حيث انتقل العديد من السكان إلي الضواحي الغنية.
ورغم أن أجزاء ديترويت تشهد بعض الازدهار إلا أن المدينة قد تكون معادية للمشاريع حيث يقود عمدة المدينة حملة لإغلاق الشركات الصغيرة، التي لا تمتثل للقواعد، ما تعد أولوية غريبة لمدينة مفلسة. يستغرق مثل هذا الافلاس المعقد الذي تعانيه ديترويت سنوات عديدة لمعالجته ولكن السيد اور يهدف إلي التغلب علي الافلاس بحلول خريف 2014، وقد أعلن عن خطة اعادة هيكلة شاملة، ومع ذلك فإن الأمر كله بأيدي ستيفين رودز، قاضي محكمة الإفلاس في نهاية المطاف.
يتوقع العديد ان تضطر ديترويت لبيع الاصول من أجل سداد ديونها، بينما يخشي آخرون من ان بيع كنوز المدينة سيجعلها أقل جاذبية للعيش فيها، ما يدفع المزيد من المواطنين إلي تركها.
لن يملي القاضي علي المدينة ما يجب أن تبيعه أو تحتفظ به، ولكن أي اتفاق بين المدينة ودائنيها يتطلب موافقته.
يعتمد مستقبل ديترويت علي الصفقة التي سيتمكن السيد اور من ابرامها، حيث يري ان المدينة حتي تتعافي يجب أن تستثمر 1.25 مليار دولار في استعادة الخدمات مثل الشرطة والمطافي وتحديث أنظمة تكنولوجيا المعلومات بالمدينة، لم تعرض الولاية أو الحكومة الفيدرالية خطة انقاذ فالمدينة يجب ان تحل مشاكلها الخاصة بها.