مبدئياً قبل أن يفسر كلامي على هوى كل تيار ويستخدم في غير موضعه,أود أن أؤكد انتمائي لتيار رابع, يرفض حكم العسكر والإخوان والتصاق الفلول بالثورة, ويؤمن بفكرة التحزّب لا بتحزّب الفكرة ويرى الحق مجرد من أي انتماء ويُدين العنف والإرهاب أياً ما كان مرتكبه,ولا علاقة له بحركة أحرار أو حازمون أو غيرها..
ثانياً أو الأهم من ذلك , المشكلة التي نعاني منها في مجتمعنا الآن أكبر كثيراً من خلاف سياسي أو عقائدي -كما يسميها كل طرف- بين الجيش والإخوان المسلمين,الأزمة أصبحت شعبية حادة,بين أنصار”تسلم الأيادي” حتي إن قطعت رؤوس جميع المنتمين للإخوان,و أنصار”تحرق الأيادي” حتي لو أشعلت النيران في كل ربوع الوطن, وهذه هي المأساة.
كيف لي أن أؤيد العنف بشكل دائم أو أبرر الإرهاب بصورة نهائية والوطن يحترق عنفاً وإرهاباً؟ كيف لي أن أغض الطرف عن جريمة قتل 38 إخواني داخل عربة ترحيلات سجن أبو زعبل وأوجه كل وسائل النقد والمعارضة لإرهابي وقاتلي 25 جندياً مصرياً في رفح؟ كيف لي ألا أدين حرق الكنائس والمنشآت وترويع الآمنين بشكل إجرامي منظم و أدين قتل واعتقال العشرات من أنصار الإخوان المسلمين؟ كيف لك أن ترى الحقيقة من منظور واحد وتسبح مع تيارك في أمواج عنفه أو بحار إرهابه ولا يعنّفك ضميرك وتؤلمك إنسانيتك؟ .
للأسف الشديد قد ذهبنا بالوطن إلى مرحلة مأساوية بكل معاني الكلمة,أعمال عنف متواصلة لا تنتهي وملاحقات أمنية مستمرة لا تتوقف,وما أصعب من ذلك إلا تبريرات الناس وردود أفعالهم تجاه كل كارثة تحدث في الشارع, فتجد مع كل مؤيد للجيش مئات التبريرات الجاهزة لما يحدث وكذلك المعارض ويتفق الإثنين على التيار الثالث أو الرابع أو الخامس أو ما تريد أن تسميه -حتي لا تلتصق بك تهمة الانتماء لفصيل معين- ,بأنه طابور خامس للإخوان المسلمين وخلايا نائمة لتنظيمهم السري أو ممن يؤكدون عدم إخوانيتهم بصورة دائمة وهم في قرارة أنفسهم يحترمونهم بشكل تأييدي, أو على العكس تماماً تُتهم برمادية الموقف وفلولية الانتماء و التأييد المطلق لحكم العسكر, فتصبح مرسيّاً سيسيّاً مباركيّاً في نفس الوقت!!.
للإنصاف لم يكن هناك بديلاً لما حدث في 30 يونيو وما انتهي له في 3 يوليو بعزل الدكتور محمد مرسي و وضع خارطة طريق جديدة للمستقبل,بعد أن وصل الحال بالإخوان المسلمين إلى تهديد المواطنين علناً في أمنهم ومعيشتهم وعقيدتهم ووضع مستقبلهم على ميزان العنف أو الخضوع, وللإنصاف أيضاً كان لابد أن تُخلق حلولاً مختلفة تجنب فض إعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة وتجنب الوطن كوارث الدخول في صراعات دموية مباشرة مع أنصار الرئيس المعزول وحرباً مع الجماعات التكفيرية والإرهابية في سيناء والعريش,إضافة إلى كسب التأييد الدولي لموجة 30 يونيو الثورية في ظل الخلافات العالمية واسعة النطاق حول توصيفها بالانقلاب العسكري أو الحركة الشعبية التي ساندها الجيش.
قبل أن نفكر فيما يمكن أن يحل الأزمة بشكل نهائي يجب توصيف الأزمة بشكل صحيح,فلا هي حرباً مطلقة على الإرهاب يتاح استخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لمواجهتها ولا هي صراعاً عقائدي بين تيار إسلامي وعلماني لنصرة الدين ,لكنها أزمة شعبية حادة بين مؤيدين حقيقيين لمنهج اختلفت أو اتفقت معه, ومعارضين حقيقيين لإسلوب حكم كان يود أحدهم فرضه على شريكه بالقوة.. والاتجاه نحو خلق التعايش السلمي بأي شكل هو طوق النجاة الوحيد لتجنيب مصر الاستمرار في صراع دموي لن ينتهي بالسرعة التي يتخيلها كل تيار








