تراجع الاقتصاد جراء تقييد الواردات فى فنزويلا لترشيد العملة الصعبة
25% زيادة سعر الأرز بالدولار مقابل 3% باليورو 2006-2007
تؤثر اختلالات أسعار صرف العملات العالمية بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات على النطاقين الدولى والمحلى؛ حيث يقع الأثر الأكبر لتفاعلاتها على المستهلكين؛ نتيجة ما يعرف بانتقال تغيرات الأسعار.
وتأخذ تحركات أسعار الصرف شكلين من التأثيرات المهمة بحسب دراسة مشتركة لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) حول التأثيرات المختلفة على أسعار الغذاء، ومن بينها تغير أسعار الصرف للعملات الدولية.
وتشير الدراسة أولاً إلى أن التغيرات فى أسعار الصرف تسبب تغيرات فى أسعار السلع العالمية المقومة بالدولار. فعلى سبيل المثال، فإن انخفاض قيمة الدولار يعنى أن السعر العالمى للسلعة سينخفض عند تقييمه بالعملات الأخرى. لكن انخفاض عملات تلك الدول أمام الدولار يعنى زيادة الطلب، ويقلل من المعروض فيها، ما يسهم فى زيادة سعر المقومة بالدولار الأمريكي.
ثانياً، يمكن أن تؤدى التغيرات فى أسعار صرف عملات محلية إلى تعويض التغيرات فى أسعار الدولار فى الأسواق العالمية، ما يساعد على الحد من انتقال تغيرات الأسعار إلى الأسواق المحلية. لكن هذا الاحتمال يلغى انتقال صدمات السعر العالمى إلى الأسعار المحلية خلال أزمة الغذاء فى 2006- 2008، ويفسر ذلك أيضاً عدم انخفاض الأسعار محلياً رغم انخفاضها عالمياً فى بعض الأوقات، وهذا يعنى أن تأثير تغيرات سعر الصرف لا ينبغى تجاهلها.
وذكرت الدراسة، أنه بين يناير 2003 وديسمبر 2010 قفز السعر العالمى للأرز بنسبة 169%، بحسب القيمة الاسمية للدولار الأمريكى، لكنه ارتفع فقط 116% بحسب القيمة الاسمية للفرنك الأفريقى المستخدم فى بعض الدول الأفريقية، مثل أفريقيا الوسطى ودول غرب أفريقيا.
ويرجع ذلك إلى الفارق الناجم عن ارتفاع قيمة اليورو العملة التى يرتبط بها الفرنك الأفريقى مقابل الدولار.
ورغم غياب أى سياسات للسلع المحلية، فإن قليلاً من الزيادة فى الأسعار العالمية انتقل إلى دول غرب أفريقيا، مقارنة بنسبة انتقال زيادة السعر إلى السوق محلياً فى أماكن أخرى من العالم.
وفى بعض الظروف وغالباً خلال مدة محدودة يكون تأثير أسعار الصرف شديد الوقع على الدول فخلال الفترة من يناير 2006 إلى نوفمبر 2007، أى على مدى ما يقرب من عامين، ارتفعت أسعار الأرز العالمية بنسبة 25% عند حساب القيمة بالدولار، ولكنها كانت 3% فقط حسب سعر الفرنك.
وفى ورقة عمل أخرى قدمها صندوق النقد الدولى حول الملامح الملامح الرئيسية للاقتصاد الفنزويلى فى وقت الأزمات كما هو الحال فى فترة تراجع أسعار البترول العالمية المصدر الرئيسى للدخل القومى والعملة الصعبة، أظهرت أن ضعف النشاط الاقتصادى يعود إلى أن تقييد الواردات للحفاظ على النقد الأجنبى إثر تراجع إيرادات تصدير النفط، وتعدد أنظمة سعر الصرف (السوق الرسمي والسوق الموازي)، ما أثر سلباً على المستهلك، وحدّ من وفرة السلع الوسيطة التى تدخل فى عمليات التصنيع المحلي.
وفى ظل هذه الأوضاع، فإن الطلب على السلع الاستهلاكية وتوافر النقد الأجنبى يحددان الأسعار المحلية للمستهلك، ويحددان سعر الصرف فى السوق السوداء أيضاً.
لكن واقعياً فإن تنوع السلع والتوزيع العشوائى للاستيراد ومضاربات الشركات فى البضائع للتكسب من فارق الأسعار تخلق مستويات من الأنشطة الثانوية، وكذلك سوف يرتفع سعر الصرف فى السوق السوداء.
وفى حال نشاط السوق السوداء للدولار، فإن هناك عملية هروب رأسمال تحدث ليس للخارج فقط، ولكن من العملة المحلية إلى العملة الصعبة.
وكما يقول صندوق النقد الدولى، لم يكن هناك حاجة لشرح ما ترتب الأمر عليه فى فنزويلا من ارتفاع هائل فى معدلات التضخم، وارتفاع حاد حتى فى فوارق الأسعار فى السوق السوداء.