توقع محللون اقتصاديون، أن تشهد معدلات ضخ السيولة بالاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر تحسنًا خلال الفترة المقبلة، على أن يكون ذلك التحسن مرتبطًا بارتفاع نسب الحاصلين على اللقاح الخاص بوباء كورونا وانخفاض نسب البطالة، بالتوازى مع وجود قطاعات واعدة بالاقتصاد المصرى، بالصناعات الثقيلة ومنها البتروكيماويات والأسمدة وبعض صناعات مواد البناء.
رجحت حنان رمسيس، المحلل المالى بشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، أن تشهد الصناعة المصرية زيادة فى حجم التدفقات النقدية من الاستثمار الأجنبى المباشر، ولكن بشكل تدريجى، وذلك بالتوازى مع استمرار تلقى المواطنين اللقاح حول العالم وزيادة نسب الحاصلين على جرعتى اللقاح، وامكانية فتح اقتصادات العديد من الدول فى القريب العاجل، استئناف الانشطة الاقتصادية لها، وعودة القطاعات التى تأثرت بجائحة كورونا بقوة مثل السياحة والسفر والطيران لنشاطها التدريجى مع تطبيق الإجراءات الاحترازية.
وأكدت أن اهتمام الدولة بالتعاون مع المستثمرين والمصنعين والمصدرين والتجار ودعم نشاطاتهم من خلال المبادرات المستمرة والفعالة من البنك المركزى، وكذلك العمل على تهدئة الأوضاع السياسية المشتعلة فى الشرق الأوسط، واستخدام الشركات المصرية فى عمليات إعادة الأعمار المختلفة.. كل ذلك سيؤدى لضخ مزيد من السيولة.
وذكرت أن معدل التدفق النقدى من الممكن أن يعود لمستويات عام 2018، بجانب عودة الطيران الروسى لاستئناف الرحلات الى الوجهات السياحية بمصر وهو ما يعنى عودة المصدر الأكبر من الدخل الأجنبى وهو السياحة إلى تصدر المشهد تدريجيا.
وأشارت إلى أن جائحة كورونا، أعطت الدولة قدرة على تنويع مصادر التدفقات النقدية ولم تعد تعتمد على قطاع واحد، مما ساهم فى تجنب الدولة الآثار المترتبة على مخاوف توقف مصادر النقد الأجنبى ودعم أداء الجنيه مقابل سلة العملات الاجنبية.
وقالت منى بدير محللة الاقتصاد الكلى فى برايم القابضة، إن الاستثمار الأجنبى انخفض بنسبة %47 فى النصف الأول من العام المالى الحالى مقارنة بنفس الفترة من العام المالى الماضى، وتوقعت أن يؤدى اضطراب مسار العدوى بوباء كورونا والإجراءات المصاحبة له، إلى وصوله لمستويات تقارب 7 مليارات دولار بنهاية العام المالى يونيو المقبل.
وأوضحت أن الوباء ساهم فى انخفاض الانفاق الرأسمالى بشكل قوى بسبب عدم اليقين وخوف الشركات من المستقبل.
وتوقعت بدير، أن تكون بداية الارتداد والعودة للوضع الطبيعى مع نهاية العام الحالى، ومطلع العام المقبل، مع وضوح الرؤية الاقتصادية، واستكمال مصر للمرحلة الثانية من برنامج الاصلاح الاقتصادى، والذى تركز فيه الدولة على 3 قطاعات بالتحديد هى كل من الزراعة والاتصالات والصناعة.
وأكدت أن الاتجاه لهذه القطاعات متسق مع التوجه العالمى لزيادة كفاءة البنية التحتية لقطاع الاتصالات مع الاعتماد عليها بشكل كبير بسبب وباء كورونأ، مع القطاع المالى غير المصرفى والاتجاه للرقمنة ووضع بنية تشريعية جيدة لها محليًا، بتنظيم الخدمات المقدمة إلكترونيًا عن طريق الهيئة العامة للرقابة المالية.
وأشارت إلى أن الخريطة الخاصة بالفرص الاستثمارية بمصر ستشهد تغييرًا كبيرًا الفترة المقبلة، مع استقرار البنية الاقتصادية الكلية، واستقرار العملة المحلية، وظهور مدى مرونة الاقتصاد المصرى بامتصاص أزمة كورونا بشكل أفضل من المتوقع.
وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر يحتاج مزيدا من التسهيلات والمحفزات التى يأتى على رأسها تعديل قانون الاستثمار ليكون قانوناً موحدًا ويكون هناك توضيح أكثر لخريطة الفرص والمناطق الاستثمارية للمستثمرين الأجانب تحديدًا.
وأضاف أن وجود فرص متعددة بقطاعات البتروكيماويات والأسمدة، والزراعة، وبعض قطاعات مواد البناء، سيجذب المستثمرين الأجانب بقوة، وتحديدًا مع انخفاض تداعيات انتشار جائحة كورونا، والتوسع فى إنتاج واستيراد اللقاحات المضادة له، موضحًا أن تأثير الوباء مازال موجودًا حتى الآن ويظهر بقوة فى قطاع صناعة السيارات.
وأكد شفيع، أن الامتيازات التى ينتظرها المستثمرون تتمثل فى إعفاءات ضريبية، ستؤدى على المدى المتوسط لضخ سيولة أجنبية، تساهم فى الوقت نفسه فى زيادة قوة العملة المحلية، أمام العملات الأجنبية.
وأوضح أن أبرز التحديات التى تواجه دخول سيولة أجنبية للسوق المصرى، تتمثل فى أن العمالة المصرية غير مؤهلة أو مدربة على التعامل مع المستثمرين الأجانب، بجانب ارتفاع أسعار الطاقة على المصانع مقارنة بالدول المنافسة، بجانب المناخ الاستثمارى الذى يحتاج لتعديلات ضخمة.
وأشار إلى أن مصر تحتاج العمل على حل هذه المشاكل خاصة أن الواردات المصرية تفوق صادراتها بنسبة تزيد عن %50، بالإضافة للمشاكل الجيوسياسية التى تحيط بها فى الوقت الحالى.
وألمح إلى أن عودة الاستثمار الأجنبى فى صورته غير المباشرة بالاستثمار فى الأوراق المالية والأسهم ستكون إشارة إلى إمكانية ضخ المستثمرين الأجانب سيولة جديدة فى الاقتصاد المصرى بشكل مباشر فى القطاعات المختلفة.








