إنَّ العين لتدمع، وإنَّ القلب ليحزن، وإنَّا على فراقك يا بدوى لمحزونون، أقسم بالله إننى، حتى كتابة هذه السطور، لا أصدق أننا فقدناك، وفقدنا البهجة التى كنت تضفيها على أى مكان تتواجد فيه.
طوال 7 سنوات عرفته خلالها داخل البيت الكبير جريدة البورصة، لم أجد منه إلا كل خير ومحبة وإخلاص فى كل كلمة، وجمعنا العديد من المواقف التى لا أنساها سواء اجتماعية أو عملية، وكان دائماً يضع لمساته وآراءه فى كل موقف وينتهى بضحكة لا تنسى، حتى وإن كان الموقف لا يستدعى ذلك، وكان دائماً يردد «مش مستاهلة يا صديقى».
آخر لقاء جمعنا فى المائدة المستديرة التى كنت تنظمها، وكانت حديث جميع الزملاء فى الجرائد والمواقع الأخرى بعد النجاح الكبير الذى حققته بفضل الله ودعوات الحاجة أم أشرف «والدته» واجتهاده، كنت أبارك له وأطلب منه أن يكون حذراً من الاختلاط؛ بسبب تفشى فيروس كورونا، وأن يقلع عن الشيشة لأضرارها الكبيرة، وهو نفس ما ذكرته له فى جميع المواقف التى جمعتنا، وكان دائماً يقول «متخفش يا صديقى».
كان دائماً يترك أموره على الله، وعندما كان يشكو لى من أى موقف، لم يبدِ أى غضاضة أو حزن، وكان دائماً يردد «الحمد لله على كل شىء أنا راضٍ»، كان دائماً يسعى للوقوف بجانب الجميع، ويبذل كل ما فى وسعة لحل المشاكل حتى وإن كان لا يعرف من يطلب منه المساعدة معرفة شخصية؛ حيث يبادر بعرض التدخل لحل المشكلة. منذ وصولى إلى المستشفى عقب تلقى خبر وفاة أخى وصديقى بدوى كنت فى حالة لم أعِشها من قبل وحتى إنهاء إجراءات الغسل، أقسم بالله أننى كنت أتمنى أن يكون كل ما يحدث «كابوس»، وحتى نزول المرحوم- بإذن الله- بدوى للقبر كنت شارد الذهن، هل ما يحدث بالفعل حقيقة، وأقسم بالله العظيم إننى طوال هذه الفترة من تواجدنا فى المستشفى، وحتى السفر إلى الشرقية، وحتى نزوله القبر، لم أر إلا وجه بدوى الضاحك أمام عينى، ولم يفارقنى لحظة.
وعقب انتهاء مراسم الدفن وأثناء عودتنا إلى القاهرة وحتى وصولى إلى المنزل لم تفارقنى صورة بدوى، وهو يضحك، وأتذكر كلماته وتعليقاته العديدة والمواقف التى جمعتنا وحديثه عن السيدة الفاضلة بنت الأصول زوجته التى لم تفارقه لحظة، وظلت بجواره فى أحلك الظروف حتى وافته المنية فى وقت يتخلى فيه من يطلقون على أنفسهم بنى آدمين عن ذويهم بحجة عدم الإصابة بفيروس كورونا.
السيدة الفاضلة زوجة المرحوم لم تُعِر كل ذلك أى اهتمام، وكانت على علم تام بأنها بنسبة 100% سوف تصاب بفيروس كورونا، وهذا ما حدث بالفعل، ولكنها ظلت بجواره صبورة تدعو ربها لشفائه، وهى نفس طباع زوجها المرحوم بإذن الله الذى كان دائماً يذكرها بكل خير أمام أى شخص ولم يتخل عنها فى يوم من الأيام، وكان دائماً يأمل فى توفير كل شىء لزوجته وبناته.
الحاجة أم أشرف، والدة المرحوم بإذن الله، أعرف يا أمى أن ما تشعرين به لا تقدر الكلمات ولا السطور على وصفه، وأطمئنك أن حب بدوى المزروع فى قلوبنا بدعواتك وبركتك وتربيتك العظيمة لن ينتهى ولن ينقص، وأعلم تماماً يا أمى عن صبرك ورضاكِ واستعانتك بالله دائماً، وهى نفس طباع بدوى، لا تحزنى يا أمى، لقد ذهب بدوى إلى مكان أحسن مما نعيش فيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.








