لست راضيًا وغيرى عن قرار إحالة وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى فى الفترة الرئاسية الجديدة، والتى أصدرها مركز معلومات مجلس الوزراء مؤخرًا، لمناقشتها فى الحوار الوطنى.. فقرار مناقشتها مضيعة للوقت؛ لأننا سنناقش وثيقة تتحدث عن مستقبل بينما نحن فى أزمة خانقة حاليا تحتاج أن نناقشها ونبحث عن سبل الخروج منها.
فليس من المعقول أن نناقش أرقاما مستهدفة بينما نعانى من مشاكل هيكلية، وحاليًا لا نضمن أن تحقق ما تستهدفه هذه الوثيقة التى أغفلت المشاكل الرئيسية ومكامن الضعف للاقتصاد المصرى.. وكان من الأفضل أن ينشغل أعضاء الحوار الوطنى بالأزمة الاقتصادية الحالية، وأن تطرح الأزمة على مجموعة محدودة سواء من رجال أعمال وخبراء اقتصاد، للخروج علينا بورقة عمل أو خطة مرحلية تنفذ على آجال قصيرة ومتوسطة الأجل للتعامل مع الأزمة الحالية.
الأزمات يعلمها القاصى والدانى ويعيش آثارها الغنى والفقير؛ وبالتالى نحتاج لحلول للتنفيذ حاليا لا لأرقام مستهدفة بعد 6 سنوات.
ولم تلق الوثيقة الأخيرة أى قبول لدى الخبراء والمتخصصين، حتى من حاول أن يدافع عنها بأنها جهد بحثى.. إلا أنه افتقر لآليات التنفيذ وطرح أرقام مستهدفة دون أن يدرك المتغيرات الحالية.
حسين عبدربه يكتب: من كواليس التعديل الوزارى المرتقب
وقد لفت انتباهى التعليق الساخن والعنيف للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية على وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى، والمركز الذى له تاريخ كبير فى الدراسات والبحوث الاقتصادية وخصوصيته بأنه يضم كفاءات بحثية كبيرة ورجال أعمال لهم اهتمامات بالعمل العام وأعضاء فى منظمات الأعمال.. لم يصدر عنه مثل هذا التعليق الساخن من قبل على قرار حكومى أو دراسة بحثية أو حتى على وثيقة ملكية الدولة التى صدرت عن مجلس الوزراء منذ عامين.
فالمركز يرى أن هذه الوثيقة كان يمكن قبولها كبرنامج عمل لحكومة جديدة لا أن تأتى هذه الوثيقة من نفس الحكومة الموجودة حاليًا والتى هى فى سبيلها للرحيل بموجب الفترة الرئاسية الجديدة.. ناهيك عن مسئولية الحكومة الحالية عن كثير من معطيات الأزمة الحالية، بالإضافة إلى أنه يستحيل تنفيذ الأهداف المرجوة بالوثيقة دون تقييم موضوعى للوضع الراهن، فى إشارة للمشكلات الحالية بقطاعات الاقتصاد والتى هى فى الأساس سببها مشاكل فى إدارة الاقتصاد من جانب الحكومة الحالية.
حسين عبدربه يكتب: الضحك على المستهلك
فيجب الاعتراف بأننا لدينا أزمة وتحتاج لحلول واقعية وعاجلة، لا أن نلتف حول الأزمة ونضيع وقتنا فى مناقشة دراسات لا تعترف بوجود أزمة وتتحدث عن مستقبل يمكن أن يحققه اقتصاد مريض تفترض فيه أنه سيتعافى فجأة دون علاج لما أصابه من أمراض.
كفانا إصدار وثائق لا يتم العمل بها، فماذا حدث فى وثيقة ملكية الدولة؟ هل حققت أهدافها؟، هل تم تمكين القطاع الخاص كما قالت؟، وهل تم تنفيذ برنامج الطروحات ولماذا البطء فى تنفيذه؟، ولماذا الإصرار على أن يتم تنفيذ الطروحات من خلال الصندوق السيادي؟، هل هو دور الصندوق أم نحن نجعل منه إدارة للبيروقراطية فى التعامل مع الطروحات؟، وهل تابع أحد من البرلمان أو جلسات الحوار الوطنى ما تم تنفيذه من وثيقة ملكية الدولة أم أنها فشلت فتم إصدار وثيقة جديدة لشغل الرأى العام عن المشاكل الاساسية، والانشغال بمناقشة طروحات بحثية بعيدة عن الواقع بالضبط كأداء الحكومة التى لا تدرك حتى الآن حجم المشكلة.