لطالما اعتادت نيجيريا على مواجهة المشقات، وهي تعاني الآن من أزمة حادة في تكاليف المعيشة.
تضاعفت أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية في غضون أشهر، وتُختطف الشاحنات التي تنقل السلع، مثل الأرز والمعكرونة، على طول الطرق السريعة الريفية.
كما اندلعت الاحتجاجات في المدن الكبرى ويقف الجنود الآن لمنع نهب مستودعات الحبوب من قبل المواطنين اليائسين.
وفي قلب الاضطرابات التي تشهدها الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في أفريقيا، تكمن الإصلاحات الجريئة التي أجراها الرئيس بولا تينوبو، الذي ألغى دعم الوقود الشعبي والمكلف، وخفف القيود على النقد الأجنبي بعد وقت قصير من توليه منصبه في مايو.
رحب العالم الخارجي بهذه التحركات التي طال انتظارها، لكن النتائج قصيرة المدى كانت مؤلمة للنيجيريين، إذ وصل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 28 عامًا في يناير، وانهارت قيمة “النايرا” بنسبة 70%، مما دفع عشرات ملايين الفقراء إلى حافة الهاوية.
كان الغذاء مكلفاً دائماً في نيجيريا، إذ تنفق الأسرة المتوسطة أكثر من 50% من ميزانيتها على الطعام، لكن الارتفاعات الأخيرة في الأسعار تزيد الأمور سوءاً.
وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى أن أكثر من 26 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي هذا العام، أي حوالي 14% من السكان.
قالت إيفون مانجو، الاقتصادية لدى “بلومبرج إيكونوميكس”: “على المستوى الكلي، اتخذت نيجيريا إصلاحات جريئة، بما فيها تخفيض قيمة النايرا مرتين وزيادة كبيرة في أسعار الفائدة، من أجل تقريب أسعار الصرف وتحقيق استقرار النايرا وكبح التضخم الجامح.. وعلى المستوى الجزئي، تعاني الأسر والشركات من هذه التدابير، خصوصا من التضخم المرتفع الذي يؤدي إلى التأثير على الدخل الحقيقي”.
ويسهم انعدام الأمن، الذي أبرزه اختطاف 287 تلميذاً شمال نيجيريا، في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وردت السلطات على ذلك، إذ رفع البنك المركزي في البلاد أسعار الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس إلى مستوى قياسي بلغ 22.75% في 27 فبراير لوقف ضغوط الأسعار ودعم العملة.
دعا صندوق النقد الدولي، وهو مؤيد قوي لإنهاء دعم الوقود وضوابط النقد الأجنبي، يوم الاثنين إلى اتخاذ خطوات فورية لمعالجة انعدام الأمن الغذائي، بينما رحب بالموافقة على نظام حماية اجتماعية “فعال وموجه بشكل جيد”.
ويعتزم تينوبو، الذي أعلن حالة الطوارئ في يوليو لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، البدء في توزيع الحبوب في الأسبوعين المقبلين.
وستبدأ الحكومة أيضًا، تقديم دفعات مؤقتة بقيمة 25 ألف نايرا شهريًا لنحو 12 مليون أسرة نيجيرية، لتستأنف برنامجًا بدأته الإدارة السابقة والذي عُلق وسط مزاعم بالفساد.
يذكر أن أزمة تكلفة المعيشة لا تصيب الفقراء فحسب، بل حتى المتاجر الراقية التي يستخدمها النيجيريون الأثرياء، أصبح من الصعب مواكبة ارتفاع الأسعار.
ربما لم يأت الأسوأ بعد، إذ يرى المحللون أن التضخم سيبلغ ذروته في النصف الثاني من العام، مرتفعًا من 29.9% في يناير، مع توقع جولة أخرى من ارتفاع الأسعار عندما تبدأ تأثيرات هبوط “النايرا” الأخير مقابل الدولار الشهر الماضي.