قال الدكتور مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، إنَّ حديث الحكومة عن التحول إلى منظومة الدعم النقدى يحتاج إلى توضيح أهدافها فى الأساس، حتى تتضح الصورة، وتكون الأمور فى نصابها الحقيقى.
أضاف «نافع»، فى مقابلة مع «البورصة»، أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تدعم الأسمدة أو السلع الغذائية يكون الهدف فى الأساسى هو توفير السلع بالأسواق بأسعار فى متناول الجميع، لذا أغلب الدعم موجه للسلعة، وليس للمستهلك.
أشار إلى أن وزارة الزراعة، على سبيل المثال فى دول أوروبا، تجتمع وتجرى حصراً بالسلع التى سيُقدم لها الدعم، وينبغى على الحكومة المصرية عند التحول من الدعم العينى إلى النقدى توضيح ما هى السلع وكيفية دعمها عند التحول.
تابع قائلاً: «عندما نقول إننا نسعى إلى دعم الوجبة المدرسية للطلاب، فهل المقصود منحهم مقابلاً مادياً بدلاً منها، بالتأكيد لا، لكن سيكون الهدف هو خلق وجبة مدرسية متكاملة».
أضاف أن 44% من العالم يستفيدون من الدعم العينى، على سبيل المثال يوجد دعم عينى فى إندونيسيا يستفيد منه أكثر من 60% من الشعب، ويوجد أيضاً نظام الشبكات التوزيعية فى الهند يستفيد منه ملايين المواطنين.
شدد على أنَّ التحول إلى الدعم النقدى بدون طرح آليات الاستفادة من ذلك، ليس فى مصلحة الاقتصاد والناس، والتحول بشكل كلى إلى هذا الأمر قد يحدث صدمة فى الأسواق.
11% نصيب الدعم من استخدامات الموازنة فى العام المالى المقبل
أوضح أن الحكومة إذا لم توفر الأمن الغذائى للمواطنين ستضطر إلى دفع التكلفة، ولكن بصورة أخرى، مثل التضرر الصحى للشعب، وبالتالى يجب أن يكون الأمر فيه توازن وحوكمة.
قال «نافع»، إنَّ الدعم الآن أصبح يمثل 11% من استخدامات الموازنة، وعشنا عمراً طويلاً الدعم كان يمثل 25%، ولم نتطرق إلى التحول إلى منظومة الدعم النقدى، لذا أطرح سؤالاً ما وزن الدعم فى الموازنة العامة للدولة حتى نهتم به بهذا الشكل؟.
أوضح أن التحول نحو الدعم النقدى لن يوفر أى سيولة مالية على الدولة؛ لأن القيمة التى توجه كدعم عينى ستُحول إلى نقدى.
تابع: لو كان الحل الوحيد المثالى، لتحولت إليه جميع دول العالم.. لما له من أهداف ومزايا لكن كل شىء له وزن نسبى والأفضل فيهما يتم اختياره.
استطرد: إنه قبل التفكير فى التحول إلى منظومة الدعم النقدى لا بد من توافر قاعدة بيانات شاملة وكاملة للمستحقين للدعم، ووضع تعريف مستحقى الدعم النقدى، ومن سيحصل عليه، الأسرة كاملة أم كل فرد على حدة.
مشكلة الدعم النقدى تتمثل فى زيادة معدل تضخم السلع الغذائية
أشار إلى أن الدعم العينى قد لا يحقق التوازن المستهدف، ولكنه يخفف عبء التضخم عن كاهل المواطنين، وبالتالى فى حال اتجهت الدولة إلى استخدام الدعم النقدى فلابد من زيادة القيمة بشكل مستمر يتناسب مع التضخم.
ويرى «نافع»، أن مشكلة التحول إلى الدعم النقدى تتمثل فى الضغوط التضخمية؛ لأن البنك المركزى سيكون مسئولاً عن طباعة سيولة مالية بدون ما يوازيها من إنتاج.
أضاف أن الدولة تتجه إلى تطبيق هذا الأمر، وهى تحاصر تضخماً مرتفعاً، وتستهدف أن تصل به إلى 7% فى المتوسط، وهذا بعيد جداً، وبالتالى فإن التحول إلى دعم نقدى يقف عائقاً أمام تنفيذ مستهدفات التضخم، والفترة الحالية من المفترض أنها معالجة للسوق بعد تحرير سعر الصرف، متابعا: “إذا وصلنا إلى معدل تضخم 12% فهذا جيد للغاية”.
وأوضح أن منظومة الخبز تحتاج إلى آليات جديدة لضبطها؛ حتى يصل بالفعل الدعم إلى المستحقين مثل بيع العيش بالكيلو، وبالتالى نحد من التلاعب فى الميزان.
ووفقاً لرئيس الوزراء، فإنَّ تكلفة رغيف الخبز على الحكومة تصل إلى 125 قرشاً، وإنه لم يتم تحريك سعر الخبز المدعم منذ 36 عاماً.
محللون: الدعم النقدى يضمن استهداف المستحقين
أوضح أن الدعم العينى يركز على توفير المنتج بسعر مخفض للناس فى جميع الأسواق، لكن فى الدعم النقدى ستضطر الحكومة إلى توفير جميع السلع بأسعار وفق الدعم المخصص، أو زيادة قيمة الدعم بنفس النسبة.
ويرى «نافع»، أن طرح المفاضلة بين الدعم العينى والنقدى للحوار المجتمعى لن يكون له مردود جيد فى اختيار القرار السليم.. لكن طرح تلك القضية على مجموعة من الخبراء يسهم فى وضع تصور جيد قابل للتطبيق.
وأعلن رئيس الوزراء المكلف مصطفى مدبولى إجراء حوار وطنى لوضع تصور لكيفية التحول من الدعم العينى للدعم النقدى، مؤكداً أن الدولة مستعدة لتطبيق آلية الدعم النقدى حال التوافق عليه ضمن حوار مجتمعى، بحسب قوله.
تابع أن انشغال الحكومة بقضية الدعم وعدم التطرق للديون فى الموازنة العامة للدولة أمر فى غير موضعه، والأهم والأولى هو مناقشة مصير الديون التى يتعين على مصر سدادها خلال العام المالى المقبل، والتى تمثل 62% من الموازنة العامة للدولة.
أشار إلى أن القطاع الخاص من الممكن أن يسهم فى زيادة إيرادات الدولة من خلال دفع الضرائب، وهذا الأمر يحتاج إلى تمكينه بشكل قوى خلال الفترة المقبلة.