تدفقات الأموال الساخنة التي دخلت السوق المصرية خلال الفترة الأخيرة والبالغة نحو 46 مليار دولار، تحولت من مؤشر يراه البعض دلالة على الثقة، إلى عبء يثقل كاهل الاقتصاد الوطني.
الفوائد السنوية على هذا المبلغ تتراوح بين 9 و14 مليار دولار، أي ما يعادل 442 إلى 664 مليار جنيه، وهو رقم يضع الدولة أمام معادلة معقدة:
إما تغطية الفوائد بالجنيه، بما يعني ضخ مئات المليارات في الاقتصاد دون إنتاج حقيقي وما يستتبعه من تضخم وفقدان قيمة العملة، أو السداد بالدولار بما يستنزف جزءًا كبيرًا من الاحتياطي الأجنبي ويضعف قدرة الدولة على تلبية التزاماتها الخارجية.
سيولة متضخمة تضاعف الضغوط
حجم السيولة المتداولة في مصر تجاوز بالفعل 12 تريليون جنيه.
ومع هذا الرقم، فإن أي توسع إضافي في الكتلة النقدية يترجم مباشرة إلى موجات تضخمية جديدة، تزيد من هشاشة الوضع المالي، وتعمّق أزمة الثقة في الجنيه.
مسكّن بلا جدوى مستدامة
الأموال الساخنة لم تثبت يومًا أنها خيار آمن أو مستدام.
فهي استثمارات تبحث عن عائد سريع، وتتحرك بخفة من سوق إلى أخرى مع أي تغير في أسعار الفائدة أو الأوضاع العالمية، ما يجعل الاعتماد عليها شبيهًا بتناول “مسكّن” مؤقت لا يعالج جذور الأزمة بل يضاعفها على المدى الطويل.
البديل: استثمار مباشر وصادرات
الطريق الأكثر أمانًا لاستقرار النقد الأجنبي لا يكمن في اجتذاب تدفقات المضاربة، بل في تعزيز الاستثمار المباشر الذي يضيف طاقات إنتاجية حقيقية، إلى جانب دعم الصناعة الوطنية وتوسيع قاعدة الصادرات.
هذه المحاور الثلاثة وحدها قادرة على خلق مصادر مستدامة للدولار، وتحصين الاقتصاد ضد تقلبات الأسواق المالية العالمية.








