تتأهب البورصة المصرية لأسبوع جديد من التداولات وسط مزيج من الحذر والتفاؤل، بعد أن حملت الأسواق أنباء متناقضة بين إشارات إيجابية من وكالة “ستاندرد آند بورز”، وتحذيرات من “فوتسي راسل” حول إعادة تصنيف السوق المصري.
ففي الوقت الذي قررت فيه “ستاندرد آند بورز” رفع التصنيف الائتماني لمصر إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة، معتبرة أن البلاد تمضي بخطوات واثقة نحو تحسين أوضاعها المالية والاقتصادية، وضعت “فوتسي راسل” السوق المصري تحت المراقبة لاحتمال هبوطه إلى فئة الأسواق الحدودية، ما خلق حالة من الترقب المشوب بالحذر بين المستثمرين.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط مما يزيد توقعات انعكاس ذلك على حالة من الاستقرار النسبي في معنويات المستثمرين، وسط توقعات بأن تواصل المؤشرات الرئيسية اختبار قمم جديدة خلال الأسبوع الجاري، مع بقاء بعض الحذر من احتمالات التصحيح أو التذبذب قصير الأجل.
وأنهت البورصة تعاملات الأسبوع الماضى على ارتفاع المؤشر الرئيسي EGX30 بنسبة 1.29% مسجلاً 37,376 نقطة، كما ارتفع مؤشر EGX70 EWI بنسبة 2.79% ليغلق عند 11,342 نقطة. وارتفع مؤشر EGX30 Capped بنسبة 1.02% عند مستوى 45,639 نقطة، وصعد مؤشر EGX100 الأوسع نطاقاً بنسبة 2.35% ليصل إلى 14,972 نقطة.
حسن: السوق يترقب أداءً متوازنًا بدعم الأخبار الإيجابية
قال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة “ألفا”، إن رفع وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيفها لمصر يعد عامل دعم رئيسي للسوق، لما يحمله من دلالات على تحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد، ما يزيد من احتمالية دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق المصري خلال الفترة المقبلة، على عكس ما ورد في تقرير فوتسي الذي أشار إلى بقاء مصر تحت المراجعة لاحتمالية الهبوط لفئة أقل، وهو ما يعد إشارة سلبية.
وأشار حسن إلى أن تقرير “فوتسي راسل- مجموعة بورصة لندن” رغم طابعه الحذر، فإنه أوضح أن استمرار حجم السوق في النمو وعودة نشاط الطروحات الحكومية والخاصة سيدفع المؤسسة لتحسين رؤيتها مستقبلًا، مؤكدًا أن الحكومة بالفعل تتجه نحو تنفيذ مزيد من الطروحات خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيعوض خروج بعض الشركات من السوق أو تلك التي يتم الاستحواذ عليها حاليًا، لتعود القيمة السوقية الكلية إلى الارتفاع مجددًا.
وتوقع أن يواصل السوق صعوده خلال الأسبوع الجاري، مدفوعًا بتفاؤل المستثمرين وترقب قرارات السياسة النقدية، خاصة مع استمرار توقعات خفض أسعار الفائدة، وإن كان بوتيرة أبطأ بعض الشيء خلال المرحلة الحالية، بسبب ضغوط محتملة من معدلات التضخم.
وأوضح أن ارتفاع التضخم المتوقع قد ينتج عن زيادة محتملة في أسعار البنزين والكهرباء، وهو ما قد يدفع البنك المركزي إلى التريث في خفض الفائدة في اجتماعه المقبل، إلا أن الاتجاه العام يظل داعمًا للأسواق، خصوصًا مع تحسن التصنيف الائتماني وتزايد شهية المستثمرين.
ويرى أن السوق ما زال يمتلك فرصًا قوية للنمو، إذ إن عددًا كبيرًا من الأسهم لم يتحرك بعد بالقدر الكافي، في حين اقتصرت التحركات الأكبر على الأسهم القيادية.
وأشار إلى أن القطاعات العقارية والبنكيي والخدمات المالية تأتي في صدارة القطاعات الداعمة لأداء السوق، إلى جانب قطاع السياحة الذي يشهد نموًا قويًا، موضحًا أن إيرادات السياحة هذا العام بلغت نحو 16 مليار دولار، وهو رقم قياسي لم يتحقق من قبل، ومن المتوقع أن يزداد خلال الفترات المقبلة خاصة مع افتتاح المتحف الكبير الشهر المقبل.
وأضاف أن المؤشر السبعيني يواصل أيضًا تسجيل مستويات تاريخية جديدة، مدعومًا بنشاط الأفراد وزيادة شهية المضاربة في الأسهم الصغيرة، مع توفر سيولة جيدة في السوق تتيح استمرار الحركة الصاعدة في الفترة المقبلة.
عمار: استمرار الزخم الشرائي وأي تصحيح محتمل فرصة لبناء مراكز جديدة
ومن جانبه، قال وائل عمار، مدير الاستثمار بشركة «زالدي»، إن خبر وضع السوق المصري تحت المراقبة من جانب «فوتسي» يُعد بلا شك تطورًا سلبيًا، في حين أن رفع التصنيف الائتماني لمصر من قبل وكالة ستاندرد آند بورز يمثل نقطة إيجابية مهمة تدعم الثقة في السوق.
وأوضح أن الأسبوع الماضي شهد أيضًا تطورات اقتصادية عالمية تتعلق بالمناقشات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وهي عوامل من المفترض أن تؤثر بدرجة ما على الأسواق العربية، إلا أنه يرى أن السوق المصري لن يكون بعيدًا تمامًا عن تلك التأثيرات، لكن أثرها سيكون محدودًا، نظرًا لأن العوامل الإيجابية المحلية مازالت هي الغالبة على المشهد.
وأضاف أن البورصة المصرية واصلت أداءها الإيجابي خلال الأسبوع الماضي، إذ تمكن المؤشر الرئيسي EGX30 من التماسك فوق مستوى 37 ألف نقطة طوال جلسات الأسبوع، حتى في الجلسات التي شهدت بعض التراجعات الطفيفة، وهو ما يعكس قوة الاتجاه الصاعد وثقة المستثمرين في استمرار الأداء الجيد للسوق.
وأوضح أن إغلاق المؤشر الرئيسي الأسبوع الماضى يعد إشارة واضحة على استمرار الزخم الشرائي في السوق، متوقعًا أن يواصل المؤشر الرئيسي صعوده خلال الفترة المقبلة، خاصة أن أي عمليات تصحيح محتملة ستكون طبيعية ومؤقتة، وتشكل فرصًا جيدة لبناء مراكز شرائية جديدة.
وأشار إلى أن العوامل الداعمة لاتجاه السوق الصاعد ما زالت قوية، وعلى رأسها الاستقرار السياسي، الذي تعزز مؤخرًا بفضل الاتفاق الذي جرى بين الأطراف المتنازعة في غزة برعاية مصر، وهو ما ساهم في تهدئة الأوضاع وتقليص المخاوف لدى المستثمرين المحليين والعرب، مما يمنح السوق دفعة إضافية للاستمرار في الاتجاه الصاعد.
ويرى أن الفترة المقبلة تستدعي التركيز على القطاعات التي أظهرت أداءً قويًا خلال الأسابيع الماضية، وعلى رأسها قطاع البنوك، والخدمات المالية غير المصرفية، والأغذية، ومواد البناء والأسمنت، والأدوية، إلى جانب قطاع العقارات الذي بدأ يظهر بوادر تحسّن واضحة.
وأوضح أن قطاع الأغذية قد يكون من أبرز المستفيدين من التطورات الجارية في غزة، في ظل احتمالات تدفق المساعدات عبر الأراضي المصرية، مما سيزيد من الطلب على منتجات الشركات المصرية العاملة في هذا القطاع.
كما توقع أن تشهد شركات مواد البناء والإنشاءات مثل الأسمنت والحديد والسيراميك، بالإضافة إلى شركات التطوير العقاري، نشاطًا متزايدًا خلال الفترة المقبلة، خصوصًا مع الحديث عن بدء مرحلة إعادة الإعمار عقب اتفاق التهدئة.
وأضاف أن قطاع الأدوية مازال يتمتع بنشاط جيد داخل السوق، ومن المرجح أن يواصل أداءه الإيجابي خلال الفترة المقبلة في ظل الطلب المستقر على منتجاته.
وشهد السوق قيم تداولات بنحو 453.6 مليار جنيه بنهاية الأسبوع، من خلال تداول 6,437 مليار سهم، بتنفيذ 486 ألف عملية بيع وشراء، مقارنة بتداولات الأسبوع السابق التي بلغت قيمتها 330.9 مليار جنيه وكمية تداولات بلغت نحو 8,087 مليار ورقة منفذة على 596 ألف عملية بيع وشراء، وارتفع رأس المال السوقي للأسهم المقيدة بنسبة 1.78% إلى مستوى 2,642 تريليون جنيه.
وسجلت تعاملات المصريين نسبة 93.7% من إجمالي التعاملات على الأسهم المقيدة، بينما استحوذ الأجانب على نسبة 1.7% والعرب على 4.6% وذلك بعد استبعاد الصفقات، وسجل الأجانب والعرب صافي بيع بقيمة 24.9 مليون جنيه و 213.7 مليون جنيه وذلك بعد استبعاد الصفقات.
وقد مثلت تعاملات المصريين 89.3% من قيمة التداول للأسهم المقيدة منذ أول العام بعد استبعاد الصفقات، بينما سجل الأجانب 5.4% والعرب 5.3%.








