يشهد القطاع العقاري العربي تنافساً متزايداً بين الأسواق الخليجية والسوق المصري في ظل التحولات الاقتصادية السريعة وتزايد تدفقات رؤوس الأموال الباحثة عن وجهات استثمارية آمنة تحقق عوائد مرتفعة.
ويرى خبراء السوق أن الأسواق الخليجية، وعلى رأسها سوق دبي، تمكنت من ترسيخ مكانتها كواحدة من أكثر الأسواق استقراراً وتنظيماً على مستوى العالم، بفضل التشريعات المرنة، والتسهيلات الاستثمارية، وفي المقابل، يظل السوق المصري الأكبر حجماً والأكثر طلباً في الشرق الأوسط، مدفوعاً بالكثافة السكانية العالية والطلب الحقيقي على السكن.
ويؤكد الخبراء أن المشهد الحالي لا يمثل صراعاً مباشراً بين السوقين، بقدر ما يعكس إعادة رسم لخريطة الاستثمار العقاري الإقليمي، إذ تسعى كل من مصر ودول الخليج إلى جذب شرائح مختلفة من المستثمرين عبر حوافز وتشريعات داعمة، بما يعزز من تكامل الأسواق العربية ويضع المنطقة في موقع متقدم على خريطة الاستثمار العقاري العالمي.
قال المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن السوق العقاري المصري ما يزال من أكثر الأسواق في المنطقة قوة واستقراراً وتوسعاً، مدعوماً بعوامل ديموغرافية واقتصادية مستمرة.
أضاف أن أبرز تلك العوامل الزيادة السكانية المطردة، موضحا أن هناك نحو مليون أسرة جديدة تبحث عن سكن سنويا، ما يؤدي إلى طلب متزايد ودائم على الوحدات العقارية بمختلف أنواعها.
وأضاف أن استمرار هذا الزخم في الطلب يجعل السوق المصري بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار طويل الأجل، رغم التحديات الاقتصادية العالمية وتقلبات الأسعار.
وأشار رئيس لجنة التشييد إلى أن الأسواق الخليجية، وعلى رأسها سوق دبي العقاري، تمكنت خلال السنوات الأخيرة من الهيمنة على ملف تصدير العقار، وتحقيق معدلات مبيعات قياسية مقارنة ببقية أسواق المنطقة، بفضل التنظيمات الدقيقة والبنية التحتية المتطورة، إلى جانب الدعم الحكومي الكبير الذي ساعد على جعل دبي مركزاً إقليمياً لتجارة العقار واستقطاب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
وأكد فوزي أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من توجه المستثمرين نحو سوق دبي، نظراً لما تتمتع به من شفافية في المعاملات العقارية ووجود نظم رقابية وتشريعية صارمة تضمن حقوق كل من المشتري والمطور، ما يعزز ثقة العملاء ويُسهم في استدامة النمو داخل السوق الإماراتي.
وفي المقابل، شدد فوزي على ضرورة أن تعمل السوق المصرية على تعزيز نظم الحوكمة والرقابة في القطاع العقاري، وتفعيل آليات حماية حقوق المشترين والمستثمرين، بما يرفع من مستوى الثقة في السوق المحلية، ويساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية، لاسيما من الأسواق الخليجية التي تبحث عن فرص استثمارية ذات جدوى طويلة المدى في المنطقة العربية.
عبدالمنعم: مصر تحقق توازناً بين الاستثمارات الأجنبية وقوة السوق المحلي
قال إبراهيم عبدالمُعنم، رئيس مجلس إدارة شركة يونايتد كونسلتنج للتسويق العقاري، إن السوق العقاري المصري يتمتع حالياً بميزة تنافسية قوية مقارنة بالأسواق الخليجية، وعلى رأسها سوق دبي، نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية وما ترتب عليه من زيادة جاذبية العقارات المصرية للمستثمرين الأجانب، خاصة من دول الخليج العربي.
وأوضح عبدالمُعنم أن تراجع الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية أسهم في تحقيق طفرة في تصدير العقار خلال العامين الماضيين، إذ أصبحت الأسعار في السوق المصري أقل بكثير من مثيلاتها في الأسواق الإقليمية.
أضاف أن تلك العوامل دفعت المستثمرين والمشترين العرب إلى إعادة توجيه بوصلتهم نحو مصر للاستفادة من فارق العملة الكبير وتحقيق عوائد استثمارية مرتفعة مقارنة بما يمكن تحقيقه في أسواق أخرى مثل دبي أو الرياض.
وأضاف أن هذا التوجه من المستثمرين الخليجيين أسهم في تنشيط حركة المبيعات بالسوق المحلي، وأعاد الزخم للسوق العقاري المصري بعد فترة من التباطؤ، مؤكداً أن مصر تمتلك مقومات قوية تجعلها مؤهلة لتكون وجهة رئيسية لتصدير العقار في المنطقة، نظراً لتنوع المشروعات العقارية وتوسع الدولة في إنشاء المدن الجديدة والمناطق العمرانية الحديثة.
وأشار عبدالمُعنم إلى أن سوق دبي العقاري لا يزال يحتفظ بمكانته الريادية في المنطقة، حيث استطاع خلال السنوات الأخيرة تحقيق مبيعات قياسية من خلال الابتكار في التسويق العقاري وتقديم حزم خدمات متكاملة للعملاء، تشمل تنظيم رحلات مجانية لزيارة المشروعات على أرض الواقع، وتوفير عروض وهدايا تحفيزية، إضافة إلى التنظيم المحكم والشفافية العالية في التعامل بين المشتري والمطور.
وأضاف أن السوق المصري يمتلك مكانة خاصة واستثنائية في الشرق الأوسط، كونه أكبر سوق عقاري من حيث الحجم والنمو وعدد العملاء المحتملين، إلى جانب الطلب المحلي القوي الناتج عن الزيادة السكانية السنوية التي تتجاوز مليون أسرة جديدة تحتاج إلى وحدات سكنية، ما يجعل الطلب على العقار في مصر مستمراً ومستداماً.
وأكد عبدالمُعنم أن المرحلة المقبلة مرشحة لمزيد من النشاط والانتعاش في السوق المصري، خاصة مع استمرار الدولة في دعم قطاع التطوير العقاري وفتح آفاق جديدة للاستثمار.
وأشار إلى أن مصر قادرة على تحقيق توازن بين جذب الاستثمارات الخارجية والحفاظ على قوة السوق المحلي، لتظل واحدة من أهم الأسواق العقارية في المنطقة العربية وأكثرها قدرة على النمو والتنافسية.
الشيخ: 80% من مبيعات دبي العقارية للعملاء الأجانب
قال علاء الشيخ، الخبير العقاري، إن السوق العقاري المصري يُعد واحداً من أقوى وأكبر الأسواق نمواً واستقراراً في المنطقة، بفضل ما يتمتع به من مقومات ديموغرافية واقتصادية فريدة، تجعل منه وجهة جاذبة للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب على حد سواء.
وأوضح الشيخ أن الكثافة السكانية في مصر، التي تجاوزت نحو 120 مليون نسمة، تشكل عاملاً محورياً في دعم الطلب المستمر على العقار، لاسيما أن أكثر من 60% من السكان من فئة الشباب، وهي الفئة التي تدخل سن الزواج وتبحث عن تأسيس حياة مستقرة، ما يخلق طلباً حقيقياً متزايداً على الوحدات السكنية بمختلف فئاتها، من الإسكان الاقتصادي إلى الفاخر.
وأشار إلى أن هذا الطلب المحلي القوي، إلى جانب حجم الإعمار والتوسعات العمرانية الكبرى التي تنفذها شركات التطوير العقاري في المدن الجديدة والمناطق الساحلية، يعكس قوة واستدامة السوق المصري.
وأكد على أن مصر ما تزال بيئة واعدة للاستثمار العقاري، قادرة على جذب المزيد من المستثمرين الإقليميين والعالميين، خاصة في ظل توسع الدولة في إنشاء مشروعات قومية كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة والتجمعات العمرانية المتكاملة في شرق وغرب القاهرة.
وأضاف الشيخ أن السوق الخليجي، خاصة سوق دبي العقاري، يُعتبر من أكثر الأسواق تنظيماً وانضباطاً في المنطقة، ونجح في تحقيق معدلات مبيعات مرتفعة للأجانب، ما جعله نموذجاً متقدماً في مجال تصدير العقار، لافتاً إلى أن دبي استطاعت خلال السنوات الأخيرة بناء منظومة متكاملة تدعم الشفافية والثقة بين المطور والمشتري.
وأوضح أن من أبرز التسهيلات التي يتمتع بها السوق العقاري في دبي وتفتقر إليها السوق المصرية: الإعفاءات الضريبية، وعدم وجود نظام حساب الضمان (Escrow) الذي يفرض قيوداً على تدفق الأموال، فضلاً عن إمكانية التعاقد إلكترونياً على عمليات البيع والشراء.
وتابع أن هناك إشرافا كاملا من قبل هيئة الأملاك والأراضي على جميع مراحل تنفيذ وتسليم المشروعات، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين ويجذب شرائح جديدة من المشترين حول العالم.
وأشار الخبير العقاري إلى أن مصر تمتلك مقومات متنوعة تجعلها أكثر شمولاً من حيث الخيارات الاستثمارية، إذ تتوزع الفرص العقارية في مناطق متعددة مثل شرق القاهرة وغربها، والساحل الشمالي، والبحر الأحمر، والعين السخنة، وغيرها من المناطق التي تشهد طلباً متزايداً من المستثمرين والمشترين المحليين والعرب، على عكس الأسواق الخليجية التي تتسم بمحدودية المساحات المتاحة للتوسع.
وأكد الشيخ أن نسبة المشترين الأجانب في سوق دبي تبلغ نحو 80% من إجمالي حجم المبيعات، مقابل 20% فقط من المواطنين، وهو ما يعكس النجاح الكبير لدبي في تصدير العقارات وجذب الاستثمارات الأجنبية، في حين أن السوق المصري يعتمد بشكل رئيسي على الطلب المحلي.
تابع أن المبيعات للمصريين تمثل أكثر من 80% من إجمالي التعاملات، وهو ما يبرز أن السوق المصرية تقوم على قاعدة طلب حقيقي وليس مضاربات أو استثمارات قصيرة الأجل.
وأكد على أن مصر تمتلك فرصة قوية لمنافسة الأسواق الإقليمية في تصدير العقار إذا ما تم تطوير البيئة التشريعية وتسهيل الإجراءات الاستثمارية وتوفير حوافز مالية وضريبية للمشترين الأجانب.
وأشار إلى أن الجمع بين الطلب المحلي الضخم والاهتمام الخارجي المتزايد يمكن أن يجعل السوق المصري خلال السنوات المقبلة أحد أهم الأسواق العقارية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
كوتي: دبي تتفوّق في العائد طويل الأجل والاستثمار المستدام
قال أحمد كوتي، الخبير العقاري، إن الأسواق العقارية الخليجية شهدت خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية في معدلات النمو والاستقرار، لتصبح من أكثر الأسواق تنافسية وجاذبية في المنطقة، وعلى رأسها سوق دبي العقاري الذي نجح في ترسيخ مكانته كأحد أبرز المراكز العقارية العالمية.
وأوضح كوتي أن سوق دبي حقق خلال العامين الماضيين أرقاماً قياسية في حجم المبيعات تجاوزت تريليون درهم إماراتي، وهو إنجاز غير مسبوق يعكس الثقة الكبيرة من المستثمرين المحليين والدوليين في السوق الإماراتي.
وأشار إلى أن هذا النجاح يعود إلى عدة عوامل، من أبرزها الاستقرار التشريعي، والتنوع الكبير في المنتجات العقارية بين المشروعات الفاخرة ومتوسطة المستوى، إضافة إلى القدرة العالية على التعافي السريع من الأزمات الاقتصادية العالمية.
وأضاف أن السوق الخليجي عموماً، ودبي على وجه الخصوص، يتفوق على معظم أسواق المنطقة من حيث جودة الخدمات والتكامل داخل المجتمعات السكنية، إذ تجمع المشاريع العقارية هناك بين البنية التحتية الحديثة، والتكنولوجيا المتطورة في إدارة العقارات، وأنماط الحياة الراقية التي توفر للمقيمين تجربة معيشية استثنائية.
وأشار كوتي إلى أن أسعار العقارات في دبي تختلف من منطقة لأخرى، لكنها تظل مرآة حقيقية لقيمة التطور الحضاري والرفاهية التي تقدمها المدينة، بينما يقدم السوق المصري أسعاراً أكثر تنافسية وجاذبية من حيث التكلفة، وهو ما يعزز فرص تملّك الوحدات داخل مصر.
وتابع أن سوق دبي يتفوّق من حيث العائد طويل الأجل والاستثمار المستدام، نظراً إلى الاستقرار الاقتصادي والطلب العالمي المتنامي على العقارات هناك.
وأشار أن سوق دبي أصبح اليوم مركزاً عالمياً لتصدير العقار، حيث تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 70% من المشترين في دبي من الأجانب، وهو ما يعكس مدى نجاحها في استقطاب المستثمرين الدوليين وبناء سوق مفتوح ومتنوع يُنافس كبريات المدن العالمية مثل لندن وسنغافورة ونيويورك.
وأضاف كوتي أن التسهيلات التي تقدمها الأسواق الخليجية تُعد من أهم العوامل التي تميزها عن غيرها، وتشمل سهولة فتح الحسابات البنكية، وحرية تحويل الأموال، وتوافر خيارات التمويل العقاري الميسّرة، إلى جانب برامج التأشيرات العقارية طويلة الأمد التي تتيح للمستثمرين الأجانب الإقامة القانونية مقابل تملكهم للعقارات، ما يجعل التجربة الاستثمارية هناك احترافية وآمنة وجاذبة.
وأكد أن الشفافية الحكومية والتطور التقني في الخدمات العقارية في دبي أسهما في ترسيخ الثقة بين المستثمرين والمطورين، مما جعل السوق أكثر استقراراً وتنظيماً مقارنة ببقية أسواق المنطقة.
أضاف أن القوانين الواضحة التي تحكم العلاقة بين الأطراف المختلفة عززت من مستوى الأمان القانوني وجعلت دبي نموذجاً يُحتذى في الإدارة العقارية.
وتوقع كوتي أن يشهد سوق دبي العقاري خلال الفترة المقبلة مزيداً من الانتعاش والتوسع في الاستثمارات الأجنبية، مدعوماً بـالاستقرار الاقتصادي القوي لدولة الإمارات، والسياسات الحكومية المرنة، والعائد الإيجاري المرتفع الذي يجعل من دبي وجهة مفضلة للمستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية طويلة الأجل.
وأشار إلى أن دبي باتت تجسّد النموذج المتكامل للسوق العقاري العالمي، حيث يجتمع فيها الأمان التشريعي، والطلب العالمي المتزايد، والعائد المستدام، لتصبح الوجهة الأولى للمستثمرين في الشرق الأوسط والعالم العربي الباحثين عن الاستقرار والعائد المضمون في بيئة اقتصادية متطورة ومناخ استثماري آمن.








