احتفالية البنك التجارى الدولى بمرور نصف قرن على تأسيسه تؤرخ لمرحلة مهمة فى تاريخ القطاع المصرفى بتأسيس أول بنك خاص مصرى بعد عملية تأميم البنوك الأجنبية بعد ثورة 1952.
وتأسيس البنك التجارى الدولى من خلال شراكة مع بنك تشيس مانهاتن مر بمراحل مهمة قادتها شخصيات كان لها دور كبير ومؤثر فيما وصل له البنك كأحد أكبر البنوك الخاصة فى مصر ومن هذه الشخصيات التى يجب ذكرها ونحن نحتفل بمرور نصف قرن على تأسيس الـCIB هو الراحل المصرفى القدير محمود عبدالعزيز أحد أهم رواد القطاع المصرفى والذى كان له دور كبير فى تأسيس البنك وقيادته كرئيس لمجلس إدارته 1989 – 2002 بعدما ترك رئاسة البنك الأهلى المصرى والذى حقق له إنجازات كبيرة جعلت البنك الأهلى أكبر البنوك الحكومية وصاحب أياد بيضاء على القطاع الخاص المصرى الذى كان يبدأ نشاطه فى الثمانينيات، فهذا الرجل كان سابقا عصره فى العمل المصرفى كان أكثر تحررًا ومرونة وتشجيعًا للقطاع الخاص وأكثر احترافية فى العمل المصرفى فى خلق منتجات مصرفية بل فى إعداد كوادر مصرفية أثرت القطاع بعد ذلك.
فقد نجح محمود عبدالعزيز، أن ينتقل بالبنك التجارى الدولى من نموذج الإدارة الحكومية التقليدية إلى مؤسسة مصرفية ذات طابع خاص، تمهيدًا لمنافسة البنوك الأجنبية التى بدأت دخول السوق المصرى انذاك.
وها هى مجلة meed العالمية تنشر تقريرا عن البنك فى مطلع عام 2002 قالت فيه، إن محمود عبدالعزيز الذى تولى رئاسة البنك التجارى الدولى عام 1989 كان له دور رئيسى فى ترسيخ نظم المراجعة والحوكمة فى البنك منذ التسعينيات، مما أدى لبناء مؤسسة قائمة على الانضباط المالى والاستقلال الإدارى، مما جعل البنك نموذجا للخصخصة المصرفية الناجحة فى مصر.
– هذا الرجل كان سابقًا لعصره فى العمل المصرفى، وكان أكثر تحررًا ومرونة وتشجيعًا للقطاع الخاص
وفى عهد عبدالعزيز كان البنك من أوائل البنوك فى التوسع فى خدمات التجزئة المصرفية وبطاقات الائتمان ونشر ماكينات الـATM.
وحتى عندما كان يرتب لتخارج البنك الأهلى من الـCIB لم يكن الأمر سهلًا وقتها فقد كان من فى الحكومة وقتها يرفض وجود بنوك خاصة، ولكنه كان يصر على تحقيق أهدافه فقد كان جريئًا وكان يستطيع أن يرفع بعض الأمور للقيادة السياسية وقتذاك إذا ما وجد أن من فى الحكومة يعارض أفكاره فى استقلالية القطاع المصرفى وبصفة خاصة الرقيب البنك المركزى كان الرجل صاحب مقولة أن البنوك التجارية مضى زمانها والمستقبل للبنوك الاستثمارية.
بأفكاره هذه جعل البنك التجارى الدولى فى سنوات قصيرة البنك المفضل لشركات القطاع الخاص إذ كانت المرونة والجرأة والاحترافية هى أدواته فى جذب الشركات الكبرى، واحتكاكه وتواجده باستمرار فى الفاعليات الاقتصادية الدولية جعلته مطلعا على أحدث ما يتم العمل به فى المصارف الدولية ويسعى لعمله فى مصر، حتى فى اختياره للقيادات كان يتابع الكوادر المصرية التى تعمل فى بنوك أجنبية.
– الراحل كان له الفضل فى أن يكون لدينا صحافة اقتصادية، فلم يبخل يومًا فى تقديم أى معلومات أو بيانات للصحفيين
وأذكر أنه عندما أتى بالمصرفى القدير هشام عز العرب قال لنا وكنا مجموعة من الصحفيين معه أنه سيأتى بمديرللبنك التجارى (ولد مصرى شاطر يعمل فى أحد البنوك الأجنبية) وأنه يؤهله لقيادة البنك، وبالفعل تولى عز العرب قيادة البنك من بعده وسار على نهجه فى رفع كفاءة البنك وحقق انجازات جعلت منه أكبر بنك خاص فى مصر وإقليميًا له وجود بارز.
فكان من الضرورى أن نذكر هذا الراحل العظيم الذى كان له دور كبير فى تشجيع القطاع الخاص وساعد الكثير من رجال الأعمال شركاتهم الآن ملء السمع والبصر، بل كان له الفضل فى أن يكون لدينا صحافة اقتصادية كان لا يبخل فى تقديم أى معلومات أو بيانات، بل كان يجلس ويشرح للصحفيين ويساهم فى عقد دورات تدريبية لهم. وأذكر أننى زرته فى مكتبه بالبنك التجارى الدولى عدة مرات، حيث استعار منى رواية مقتل الرجل الكبير للكاتب المثقف إبراهيم عيسى، وكنت أتردد عليه وغيري من الصحفيين ويستقبلنا بترحاب ونناقش معه السياسات الاقتصادية ويقول رأيه بكل جرأة. وقد وجد الرجل، أن هذا البنك الجديد يستطيع أن ينفذ فيه أفكاره وأن يجعل منه أحد أهم البنوك الخاصة وأن يستقدم له الكفاءات مثلما فعل واستقدم هشام عز العرب، لقيادة البنك واستكمال مسيرة النجاح.








