تُواجه الولايات المتحدة خطر التراجع أكثر خلف الصين في سباق السيارات الكهربائية العالمي، بعد أن أدى تبني إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمحركات البنزين إلى انخفاض حاد في استثمارات هذا القطاع، وفقاً لتحذيرات مسؤولين تنفيذيين وخبراء في الصناعة.
فمنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، ألغى الرئيس الأمريكي الحوافز الضريبية التي كانت تُمنح للمستهلكين عند شراء السيارات الكهربائية، واقترح إلغاء القواعد الخاصة بانبعاثات غازات الدفيئة، في خطوة تعكس تراجعاً واضحاً عن الدعم الذي قدمته إدارة الرئيس السابق جو بايدن لهذه الصناعة.
بحسب قاعدة بيانات “مراقب الاستثمار النظيف في الولايات المتحدة” التي أنشأتها مجموعة “روديوم” ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فقد هبطت الاستثمارات المتعلقة بالسيارات الكهربائية، والتي تشمل البطاريات وتجميع السيارات ومعدات الشحن، بنسبة تقارب الثلث لتسجل 8.1 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وأظهرت البيانات أنه بين أبريل وسبتمبر تم التخلي عن نحو 7 مليارات دولار من الاستثمارات المخطط لها في قطاع السيارات الكهربائية.
وقال محللون ومسؤولون تنفيذيون إن تقليص الدعم في الولايات المتحدة قد يُحدد مستقبل الصناعة في السنوات المقبلة، عبر تعزيز موقف الصين في سباق السيارات الكهربائية وإثارة الشكوك داخل الاتحاد الأوروبي بشأن حظر مبيعات محركات الاحتراق الداخلي المقرر في عام 2035.
وقال هاكان سامويلسون، الرئيس التنفيذي لشركة “فولفو كارز”: “علينا أن نكون أسرع في التطوير لمنافسة الصينيين”.
وأضاف أنه “بمجرد أن تُضعف هذه الإشارات، سيتباطأ كل شيء”، في إشارة إلى تأثير التحول في سياسات البيت الأبيض.
ودعا عدد من شركات صناعة السيارات في أوروبا بروكسل إلى تخفيف حظرها على محركات البنزين حتى يتسنى استمرار بيع الطرازات الهجينة القابلة للشحن بعد عام 2035، بحسب ما أوضحته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وفي انفصال واضح عن سياسات إدارة بايدن الداعمة للسيارات الكهربائية، حذّر ترامب من أن هذه السيارات ستؤدي إلى “تدمير كامل” لصناعة السيارات الأمريكية ورفع الأسعار على المستهلكين.
وقد أدى التحول في واشنطن بالفعل إلى خفض التوقعات بشأن مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.
وبحسب شركة الاستشارات “أليكس بارتنرز”، ستشكل السيارات الكهربائية بالكامل نحو 7% فقط من المبيعات في عام 2026، أي أقل بنحو النصف من توقعاتها السابقة، فيما ستشكل السيارات الهجينة 22%، ومحركات الاحتراق الداخلي 68%، والهجينة القابلة للشحن 3%.
حتى في عام 2030، تتوقع الشركة أن تشكل السيارات الكهربائية بالكامل 18% فقط من المبيعات في الولايات المتحدة، انخفاضاً من التقدير السابق البالغ 25%، مقارنة بنسبة 40% في أوروبا و51% في الصين.
ويطرح تبني إدارة ترامب لمحركات البنزين معضلة أمام شركات السيارات التقليدية، التي تحقق أرباحاً أكبر من السيارات العاملة بالبنزين لكنها تخشى في الوقت نفسه من فقدان موقعها في سباق السيارات الكهربائية لصالح منافسين صينيين مثل “بي واي دي” و”جيلي”.
وقال مارك وايكفيلد، رئيس قطاع سوق السيارات العالمي في “أليكس بارتنرز”، إن تركيز الولايات المتحدة مجدداً على سيارات الاحتراق الداخلي يُعد “خبراً ساراً على المدى القصير للصناعة، لأنه يدر مليارات الدولارات من الأرباح”.
لكنه حذر من أنه على المدى الطويل ستواصل الشركات الصينية التقدم في مجال السيارات الكهربائية، ما يمنحها تفوقاً في الأسعار وتكنولوجيا البطاريات والبرمجيات.
وأضاف أن “شركات السيارات التقليدية تُخاطر بالتخلف عنها إذا خرجت من سباق التطوير المستمر”.
وفي هذا الشهر، تعهدت شركة “ستيلانتيس”، المالكة لعلامات تجارية تشمل “جيب” و”بيجو”، باستثمار رقم قياسي يبلغ 13 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة لزيادة إنتاج السيارات العاملة بالبنزين والهجينة.
وأشاد الرئيس التنفيذي لشركة “فورد” جيم فارلي بعودة محركات البنزين باعتبارها “فرصة تقدر بمليارات الدولارات”.
وقالت الشركة الأمريكية هذا الأسبوع إن قطاع السيارات الكهربائية لديها تكبد خسائر بلغت 3.6 مليار دولار خلال الأشهر التسعة المنتهية في سبتمبر، مقارنة بأرباح تشغيلية قدرها 2.3 مليار دولار حققتها من السيارات العاملة بالبنزين والهجينة.
وفي حديثه للمحللين هذا الأسبوع حول التحدي المتمثل في تحقيق الأرباح من السيارات الكهربائية، قال فارلي إن “المنافسة تزداد صعوبة، لا سيما مع توسع الشركات الصينية المصنعة للمعدات الأصلية على مستوى العالم، بينما تواجه الصناعة عوائد أقل نتيجة فائض الطاقة الإنتاجية وضغوط السوق العالمية”.








