تجاوز إجمالي استثمارات شركة “بشرسوفت” لحلول التوظيف الإلكتروني، 10 ملايين دولار، بمشاركة مؤسسات استثمارية كبرى مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وVNV Global السويدية، و500 Global، وEndure Capital، حسبما قال أمير شريف، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمجلس إدارة الشركة.
أضاف في حوار لـ”البورصة”، أن الشركة تستهدف تحقيق نمو مضاعف يصل إلى 10 أضعاف في حجم أعمالها خلال السنوات الخمس المقبلة، مع خطط للتوسع داخل مصر وخارجها.
قال شريف، إن فكرة بشر سوفت نشأت من حاجة حقيقية في السوق المصري قبل أكثر من 15 عامًا، حين لم يكن الوصول إلى فرص العمل أمرًا سهلاً كما هو الحال اليوم.
ففي عام 2009، كان الشباب يبحثون عن الوظائف من خلال الإعلانات المبوبة في الصحف الكبرى، أو عبر العلاقات الشخصية.
وتابع: “في تلك الفترة، كانت التكنولوجيا الرقمية لا تزال في بدايتها داخل مصر، ولم تكن هناك منصات متخصصة تساعد الباحثين عن العمل وأصحاب الشركات على التواصل بفعالية. ومن هنا، جاءت الفكرة: إنشاء منصة رقمية متكاملة تربط بين الطرفين بطريقة حديثة وسهلة”.
بدأ المشروع من خلال حاضنات الأعمال التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهناك تم إطلاق منصة “وظف” كأول منتج للشركة، والتي تحولت لاحقًا إلى واحدة من أهم بوابات التوظيف في مصر والعالم العربي.
ومع مرور الوقت وتطور احتياجات سوق العمل، أطلقت الشركة منصة “فرصنا”، المخصصة بالأساس لخدمة خريجي التعليم الفني والمتوسط، لتمكينهم من الوصول إلى فرص عمل تتناسب مع مهاراتهم وخبراتهم.
أكد شريف، أن التوجه الحالي للشركة يعتمد على استراتيجية واضحة تستند إلى ثلاثة محاور رئيسية، أولها التوسع في الخدمات المقدمة سواء للأفراد أو الشركات، بحيث لا تقتصر على نشر الوظائف فقط، وإنما تشمل حلولاً متكاملة تساعد الباحثين عن العمل على تطوير أنفسهم ومهاراتهم، وتساعد الشركات على بناء فرق عمل فعالة.
وأشار إلى أن “بشر سوفت” تمتلك حاليا أكبر قاعدة بيانات في السوق المصري تضم ملايين الباحثين عن عمل بمختلف التخصصات والمستويات التعليمية.
أما المحور الثاني فيرتبط بالتكنولوجيا، إذ تستثمر الشركة بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي لتطوير أنظمة مطابقة دقيقة بين الوظائف والمتقدمين، بحيث يتمكن أصحاب الأعمال من الوصول إلى المرشحين الأنسب بشكل أسرع وأكثر دقة.
وأضاف أن الشركة تعمل أيضًا على تطوير تقنيات تحليل البيانات لتقديم تقارير مفصلة حول اتجاهات سوق العمل واحتياجاته، وهو ما يساعد الجهات الحكومية والقطاع الخاص على اتخاذ قرارات أفضل في التخطيط والتوظيف.
أما المحور الثالث في استراتيجية “بشر سوفت” فيتركز حول بناء شراكات استراتيجية مع الحكومة والجامعات المصرية.
وأوضح شريف أن هذه الشراكات تهدف إلى ربط الخريجين بسوق العمل من خلال فرص تدريب مبكرة، وتزويدهم بالمهارات العملية المطلوبة.
وكشف أن الشركة تولي اهتمامًا متزايدًا بعمليات الاندماج والاستحواذ على الشركات المحلية التي تقدم خدمات في مجال التوظيف أو تطوير المسار المهني، بهدف دمجها ضمن منصاتها لتوسيع نطاق الخدمات المقدمة وتعزيز قاعدة البيانات المشتركة.
وعن الخدمات الجديدة التي تعمل الشركة على تطويرها، أوضح شريف أن “بشر سوفت” تخطط لإطلاق أدوات ذكية تساعد الأفراد على كتابة السيرة الذاتية وتحسينها، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة المستخدمين على اختيار الوظائف الأنسب لهم وفقًا لمهاراتهم وخبراتهم.
أما بالنسبة للشركات، فإلى جانب حلول التوظيف التقليدية، توفر الشركة خدمات “تطوير سمعة الشركات كجهة عمل” (Employer Branding)، والتي تهدف إلى إبراز بيئة العمل والقيم التي تقدمها الشركات لموظفيها، مما يساعدها على جذب الكفاءات والاحتفاظ بها.
وحول رؤيته للفرص المتاحة في السوق المصري، أكد شريف أن أبرز هذه الفرص حاليًا تتمثل في عمليات الاندماج والاستحواذ بين الشركات الناشئة العاملة في مجالات متقاربة.
وأوضح أن توحيد الجهود وتكامل الخدمات يسهم في خلق كيانات أكبر وأكثر قوة وقدرة على المنافسة إقليميًا، مشيرًا إلى أن السوق المصري بدأ بالفعل يشهد نضجًا في هذا الاتجاه.
أشار شريف إلى أن عدد مستخدمي خدمات الشركة تجاوز 9 ملايين مستخدم على منصتي “وظف” و”فرصنا”، بالإضافة إلى ملايين آخرين من مستخدمي منصة “آي كارير” التي استحوذت عليها الشركة مؤخرًا.
كما تخدم الشركة أكثر من 100 ألف صاحب عمل يستخدمون منصاتها للإعلان عن وظائفهم والبحث عن المرشحين المناسبين.
الشركة تسعى لاستكشاف الفرص في دول الخليج
وفيما يتعلق بخطط التوسع الخارجي، أوضح أن الشركة تركز في المرحلة المقبلة على دخول أسواق العراق، وسلطنة عمان، بعد توسعها في السعودية، إلى جانب دراسة فرص التوسع في عدد من الأسواق الخليجية والإفريقية الأخرى التي تشهد نموًا في الطلب على خدمات التوظيف الرقمية.
أما عن وضع الشركات الناشئة في مصر، فيرى شريف أن التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية كان لها تأثير ملحوظ على نشاط هذه الشركات خلال العامين الماضيين، خاصة مع تقلبات سعر الصرف والظروف الجيوسياسية.
أضاف أن ثمة بوادر تحسن واضحة هذا العام مع زيادة صفقات الاندماج والاستحواذ، مشيرًا إلى أن الشركات المصرية تتمتع بمرونة كبيرة وقدرة عالية على التكيف مع التحديات.
وأوضح أن عضويته في اللجنة الوزارية لريادة الأعمال، التي تشكلت عام 2024، جاءت انطلاقًا من إيمانه بضرورة التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لدعم الشركات الناشئة، مضيفًا أن اللجنة تعمل على تقديم استشارات وتوصيات حول كيفية تطوير بيئة الاستثمار وريادة الأعمال في مصر.
الطرح العام في البورصة خلال 3 سنوات
وحول خطط التمويل المستقبلية، كشف شريف أن الشركة لا تعتزم الدخول في جولات تمويلية جديدة في الوقت الحالي، إذ تعتمد على إعادة استثمار أرباحها لدعم عمليات التوسع والاستحواذ.
لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن “بشر سوفت” تواصل إجراء مباحثات استراتيجية لجذب شركاء محليين من أسواق الخليج لدعم توسعها الإقليمي، موضحًا أن الشركة تخطط كذلك للطرح العام في البورصة خلال السنوات الثلاث القادمة.
وحول الأثر المتوقع لصفقة الاستحواذ الأخيرة على سوق العمل، قال شريف إن الصفقة تمثل نقلة نوعية في كفاءة منظومة التوظيف داخل مصر والمنطقة، لأنها تتيح توحيد بيانات ضخمة تضم أكبر قاعدة من الباحثين عن عمل وأصحاب الشركات.
أضاف أن هذا الدمج سيساعد في تعزيز التعاون مع الوزارات المعنية بسوق العمل من خلال مشاركة بيانات وتحليلات دقيقة وآنية حول اتجاهات السوق والمهارات المطلوبة، ما يدعم جهود الدولة في وضع سياسات أكثر فاعلية لمكافحة البطالة وتنمية القوى العاملة.
وأشار إلى أن الصفقة تضمنت أيضًا الاستحواذ على منصة “ريكروتيرا” (Recruitera)، وهي أول برنامج مصري لتتبع المتقدمين (ATS SaaS) يمتلك إمكانيات متقدمة تضاهي البرامج العالمية، لكن بأسعار تناسب السوق المحلي.
أضاف أن التحضير للطرح العام في البورصة يتطلب تنفيذ مجموعة من الخطوات الاستراتيجية، تبدأ بتوحيد الكيانات القريبة في مجال التوظيف وخدمات التكنولوجيا المالية تحت مظلة مؤسسية واحدة قوية.
كما يتطلب الأمر مواءمة نموذج العمل مع التشريعات الجديدة، خاصة قانون العمل وسياسات دعم ريادة الأعمال، بالإضافة إلى التوسع الإقليمي لخلق قاعدة أعمال متنوعة وقوية.
وأكد أن الهدف من الطرح ليس فقط جذب الاستثمارات، بل أيضًا تعزيز الشفافية والاستدامة المالية، وتوسيع نطاق الخدمات التي تقدمها الشركة لتشمل حلولًا أشمل لمنظومة الاقتصاد الرقمي وسوق العمل في مصر والمنطقة.
وختم قائلاً: “نحن نؤمن أن التحول الرقمي في سوق العمل لم يعد خيارًا بل ضرورة، ودورنا هو أن نكون في قلب هذا التحول، لنساعد الشباب والشركات على بناء مستقبل أكثر استقرارًا وإنتاجية.”








