ذكرت صحيفة “التليجراف” البريطانية، اليوم الأحد أن المملكة المتحدة تشهد ارتفاعا غير مسبوق في حجم الدين الداخلي، الذي ينمو حاليا بأسرع وتيرة بين الاقتصادات المتقدمة، في ظل استمرار سياسات الاقتراض الحكومي، مما يهدد بدفع البلاد نحو ما يعرف اقتصاديا بـ”حلقة الهلاك”.
وأوضحت الصحيفة، وفقا لتحليل صادر عن مؤسسة “أوكسفورد إيكونوميكس”، أن الدين الداخلي لبريطانيا تضاعف بنحو ثلاث مرات بين عامي 2005 و2025، متجاوزا الزيادات المسجلة في أي دولة متقدمة أخرى خلال الفترة نفسها .
وأدى عجز الحكومات المتعاقبة عن ضبط الإنفاق العام إلى تراكم دين داخلي يبلغ نحو 2.9 تريليون جنيه إسترليني، وهو ما يعادل تقريبا حجم الاقتصاد البريطاني، فيما تتجاوز تكاليف خدمة الدين حاجز 100 مليار جنيه سنويا.
وبحسب التقرير، فإن إسبانيا والولايات المتحدة هما الدولتان الوحيدتان اللتان شهدتا زيادات في الدين بوتيرة قريبة من بريطانيا، بينما تمكنت ألمانيا وسويسرا وهولندا من خفض ديونها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويحذر اقتصاديون من أن بريطانيا قد تقترب من الدخول في “حلقة هلاك” مالية، حيث تؤدي تكاليف الدين المرتفعة وضعف النمو الاقتصادي إلى رفع الضرائب لتمويل الفوائد، مما يضر بالنشاط الاقتصادي ويفرض مزيدا من الضغوط المالية على الحكومة.
وقال مايكل ساوندرز، الخبير الاقتصادي في “أوكسفورد إيكونوميكس”، إن الوضع المالي في بريطانيا “يدعو إلى القلق”، مضيفا: “المملكة المتحدة تبرز عن غيرها من الدول، لكن ليس في الاتجاه الإيجابي. ارتفاع الدين الداخلي بهذا الشكل يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع العوائد على السندات البريطانية”.
ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز للإعلان عن الموازنة العامة الجديدة في وقت لاحق من الشهر الجاري، وسط توقعات بأن تكون على نطاق مماثل لموازنة العام الماضي التي تضمنت أكبر حملة زيادة ضرائب في تاريخ البلاد بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني، مع استمرار التوجه نحو الاقتراض لتمويل الإنفاق العام.
ورغم أن مستويات الدين في بريطانيا تبقى أدنى من بعض الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، إلا أن تكاليف الاقتراض البريطانية أعلى، في إشارة إلى قلق المستثمرين من الوضع المالي في البلاد.
وحث ماثيو بيسلي، الرئيس التنفيذي لشركة “Jupiter” لإدارة الصناديق، الحكومة على اتخاذ خطوات جريئة لإعادة الانضباط إلى المالية العامة، قائلا إن السلطات يجب أن “تتوقف عن تأجيل القرارات الصعبة” والاكتفاء بالإصلاحات الجزئية.
وقال بيسلي: “تحتاج الحكومة إلى رفع الضرائب أو خفض الإنفاق، وكلا الخيارين قد يضغط على النمو، لكن الخطر الأكبر هو الاستمرار في الوضع الراهن دون معالجة جذرية. يجب اتخاذ إجراءات حاسمة تنهي حالة الجدل السنوي حول كيفية سد العجز”.
وأضاف أن خفض تكاليف الاقتراض ممكن في حال تبنت وزيرة المالية خطوات حاسمة، مشددا على أن “التحرك الجريء هو الحل الوحيد لتفادي استمرار اعتماد الحكومة على الأسواق المالية لتمويل الدين”.
وتعد شركة “Jupiter” من أبرز المستثمرين في السندات الحكومية البريطانية، وتدير أصولا تتجاوز 60 مليار جنيه إسترليني في أسواق الأسهم والدين.








