أكدت قمة المرأة المصرية 2025، على أن الاستثمار في الإنسان أصبح الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد مبتكر ومستدام، وسط التحولات التكنولوجية المتسارعة وتغير خريطة الوظائف عالميًا.
وشهدت القمة التى عقدت تحت شعار «العلم والتكنولوجيا والابتكار والاقتصاد المعرفي» توافقًا بين الحكومة والقطاع الخاص على أن تطوير التعليم وتأهيل الشباب لمواكبة الثورة الصناعية والذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا بل ضرورة حتمية، مع الحفاظ على البعد الإنساني والأخلاقي للتكنولوجيا.
المشاط: الحكومة تعتزم إتاحة 30 مليار جنيه لتطوير التعليم
وقالت رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن بناء منظومة وطنية متكاملة للابتكار والتشغيل يبدأ من الاستثمار الحقيقي في الإنسان.
وأشارت إلى أن التقارير الدولية تحذر من فقدان نحو 75 مليون وظيفة على مستوى العالم بحلول عام 2025 نتيجة الأتمتة والتحول الرقمي، في مقابل خلق نحو 133 مليون وظيفة جديدة تتطلب مهارات مختلفة، ما يستدعي تنفيذ إصلاحات هيكلية عاجلة لملاءمة العرض والطلب في سوق العمل، وتطوير منظومة التعليم والتدريب بما يتماشى مع هذه المتغيرات.
ولفتت إلى أن جهود الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لم تقتصر على الاستثمار في مشروعات البنية التحتية، بل امتدت إلى الاستثمار في رأس المال البشري وبناء العقول، من خلال دعم التعليم والبحث العلمي وتشجيع الابتكار باعتباره المدخل الحقيقي لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، أوضحت الوزيرة أن الحكومة تعتزم إتاحة أكثر من 30 مليار جنيه استثمارات عامة لقطاع التعليم ضمن خطة العام المالي 2025/2026، بهدف التوسع في تجربة مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص، بما يسهم في ربط التعليم باحتياجات سوق العمل.
وأضافت أن الدولة تعمل على تطوير منظومة التعليم الفني، من خلال السعي لتحويل 1270 مدرسة فنية إلى مدارس تكنولوجيا تطبيقية بالتعاون مع الشركاء الدوليين ومجتمع الصناعة، مؤكدة زيادة الشراكات مع القطاع الخاص والاستفادة من التجارب الدولية، مع توقيع اتفاقيات جديدة لإنشاء وتشغيل 89 مدرسة بدءًا من العام الدراسي المقبل.
كما أعلنت المشاط عن إطلاق منصة «آفاق المهن والتوظيف» بالتعاون مع وزارة العمل والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، والتي تضم بيانات لأكثر من 400 مهنة تغطي نحو 98% من إجمالي المشتغلين في مصر، بهدف مساعدة الشباب على التكيف مع التغيرات المتسارعة في سوق العمل ورفع معدلات التشغيل.
جبران: إطلاق مراصد متخصصة لجمع وتحليل بيانات سوق العمل
وقال محمد جبران، وزير العمل، إن الاستثمار في العنصر البشري يمثل المفتاح الحقيقي لاقتصاد الغد.
وأوضح جبران، أن الاعتماد على الوظيفة التقليدية لم يعد كافيًا لتحقيق الاستقرار المادي طويل الأجل، داعيًا الشباب إلى التحول من ثقافة البحث عن وظيفة إلى مفهوم الاستثمار الذاتي وصناعة قيمة مضافة حقيقية.
وأشار وزير العمل إلى أن الاستثمار المتوازن في التعليم والتدريب يمثل ركيزة أساسية لتأهيل الكوادر البشرية، بما يضمن إعداد جيل قادر على المنافسة إقليميًا ودوليًا.
وأضاف أن الوزارة تعمل على إنشاء مراصد متخصصة لسوق العمل لجمع وتحليل البيانات وتوفير معلومات موثوقة حول فرص التشغيل والمهارات المطلوبة.
تابع أنه تم تشغيل مراصد في عدد من المناطق، من بينها 6 أكتوبر، والجيزة، والعاشر من رمضان، والشرقية، ومدينة السادات، والمنوفية، وأسوان، وبرج العرب بالإسكندرية، مع خطط للتوسع خلال الفترة المقبلة.
ولفت الوزير إلى إطلاق برامج تدريبية متخصصة لمواكبة النمو المتسارع في القطاعات الناشئة، مثل الصناعات الرقمية، وتكنولوجيا المعلومات، والروبوتات، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص باعتباره الشريك الرئيسى في تأهيل الكوادر البشرية.
وأكد جبران أن قانون العمل المصري الجديد أتاح تفعيل أنماط العمل الحديثة، وعلى رأسها العمل المرن والعمل عن بُعد، استجابة لمتطلبات سوق العمل وتغيرات نماذج التشغيل.
هلال: الثورة التكنولوجية تتطلب موازنة الأثر الإنساني والأخلاقي مع التطور التقني
من جانبه قالت لبنى هلال، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، إن أهمية التعامل الواعي مع التطور التكنولوجي المتسارع والتحولات التي تفرضها الثورات الصناعية الرابعة والخامسة.
وأكدت أن التغيرات المادية الناتجة عن هذه الثورات أصبحت أمراً واقعاً، لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إدارة الأثر الأخلاقي والإنساني المصاحب لها، بما يضمن تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة.
وشددت رئيس مجلس إدارة المصرية للاتصالات على أن دور الآلة لم يعد يقتصر على كونها أداة مساعدة، بل أصبحت شريكاً أساسياً في اتخاذ القرار وصناعة الاختيارات، وهو ما يستدعي إعادة النظر في شكل الحياة التي سيفرضها هذا التطور التكنولوجي على المجتمعات.
ودعت هلال مؤسسات الدولة والأكاديميات والشباب إلى ضرورة العمل المشترك لتحديد العلاقة الإنسانية مع التكنولوجيا، ووضع كود أخلاقي واضح يواكب هذا التطور المتسارع، باعتباره واقعاً سيعيشه الجيل الحالي والأجيال القادمة.
وقال باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، إن الجهاز ملتزم بالمساهمة الفاعلة في تنفيذ المبادرات والتوجهات الرئاسية الهادفة إلى تمكين الشباب وتشجيعهم على العمل الحر وريادة الأعمال، وذلك بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية، وبما يتسق مع رؤية مصر 2030 الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام.
وأوضح رحمي، أن العشرات من أصحاب المشروعات الابتكارية من عملاء الجهاز يشاركون في فعاليات القمة، لعرض تجاربهم العملية في تأسيس مشروعات قائمة على أفكار جديدة نجحوا في تحويلها إلى كيانات إنتاجية قابلة للتوسع في الأسواق المحلية والعالمية، بما يتيح للشباب الاطلاع على التحديات الحقيقية التي واجهتهم، ودور الجهاز في دعم هذه المشروعات حتى الوصول إلى مرحلة الاستدامة.
وأشار إلى أن الجهاز يعمل في السوق المصري منذ 33 عامًا، وتم إعداد استراتيجية واضحة تمتد لخمس سنوات، تضع الشباب في صدارة الأولويات، في ظل تخرج نحو 750 ألف شاب سنويًا من الجامعات، وما يصاحبه من تزايد الطلب على فرص العمل، إلى جانب تنامي رغبة شريحة واسعة في تأسيس مشروعاتها الخاصة بدلًا من انتظار الوظائف التقليدية.
وأضاف أن رؤية الجهاز تتكامل مع استراتيجية الدولة 2030 في توفير فرص العمل، وزيادة الصادرات، وتقليل الواردات، وهو ما دفع الجهاز إلى التركيز على تقديم حزمة متكاملة للمشروعات تشمل دراسات الجدوى، والتدريب، وآليات استكمال المشروع، بما يعزز فرص النجاح والاستمرارية.
وكشف رحمي عن تطور هيكل المحفظة الائتمانية للجهاز خلال السنوات الأخيرة، موضحًا أن إجمالي التمويلات خلال العشر سنوات الماضية بلغ نحو 60 مليار جنيه، كانت نسبة 93% منها موجهة سابقًا للقروض التجارية، في حين ارتفعت حصة المشروعات الإنتاجية والصناعية حاليًا إلى 28% من إجمالي المحفظة، مع انخفاض معدلات التعثر إلى أقل من 1.5%.
كما أشار إلى أن تمكين المرأة يمثل محورًا أساسيًا في سياسات الجهاز، حيث تشكل السيدات نحو 50% من إجمالي العملاء، بينما تستحوذ محافظات الصعيد على 51% من حجم التمويلات، مع تركيز خاص على محافظات جنوب الصعيد، بما يعكس توجهًا واضحًا لتحقيق التنمية المتوازنة ودعم الفئات الأكثر احتياجًا.








