قانون الجامعات يمنعنا من تصنيع مخرجات البحث العلمى.. والأمن الإدارى أصبح مدرباً والداخلية لديها ما يكفيها
600 مليون جنيه عجزاً بالموازنة و120 مليوناً إنفاقاً مباشراً على البحث العلمى
كشف الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، أسباب تراجع تصنيف الجامعة عالمياً، مؤكداً أن السبب الرئيسى يرجع إلى ضخامة عدد الطلاب خصوصاً فى الكليات النظرية.
قال نصار فى حوار لـ”البورصة”، إن العدد المثالى العالمى مقارنة بعدد الأساتذة فى الجامعة يبلغ 50 ألف طالب، بينما الجامعة لديها نحو 280 ألف طالب، ما يعنى أنها تتحمل 230 ألف طالب زيادة على العدد أو المعدل العالمى.
وأشار إلى وجود عجز ضخم فى الموازنة تتغلب عليه الجامعة عبر الموارد الذاتية، مثل مستشفيات جامعة القاهرة، وعائد البحث العلمى.
أوضح أن التصنيف الصينى “شنجهاي” هو أكثر التصنيفات العلمية المعترف بها دولياً دقة، وتقوم بإعداد التصنيفات مراكز أبحاث متخصصة من حيث المعايير العلمية والموضوعية.
وقال إن جامعة القاهرة حصلت فى التصنيف الصينى على المركز نفسه الذى منحها إياه التصنيف الأمريكي، وهو “401”، بينما العام الماضى حصلت الجامعة على المركز”409″، ما يعنى تحسناً نسبياً.
أما التصنيف البريطاني، فبه بعض المعايير التى تتعلق بتفاصيل وأمور شخصية، تتمثل فى معرفة بعض الشخصيات التى تعد التصنيف، بالجامعات المصنفة، ورؤيتهم لكل جامعة، وبالتالى يعد المعيار غير منضبط، لأنه ربما يكون أحد تلك الشخصيات لم يسمع عن جامعة من الجامعات.
وذكر أن الجامعة تدخل التصنيف وهى تفتقد معايير أساسية للمنافسة، وأول هذه المعايير نسبة عدد الطلاب مقارنة بعدد الأساتذة. وهذا المعيار يفترض أن يكون العدد المثالى للجامعة 50 ألف طالب، بينما لدينا 280 ألف طالب إذا حسبنا التعليم المفتوح، ويصبح الفارق 230 ألف طالب زيادة عن المعدل المثالي.
كما تدخل فى عملية التقييم، نسبة الأساتذة الأجانب الزائرين وعدد الطلاب، ورغم أن جامعة القاهرة من أكبر الجامعات التى تستقبل أساتذة زائرين على مستوى العالم، إذ لدينا أساتذة يقومون بالتدريس فصلاً دراسياً كاملاً، وآخرين لإعطاء “كورس” لمدة شهر، إلا أن عددهم لا يتناسب مع العدد الضخم للطلاب، ما يفقدنا الحصول على درجة هذا المعيار.
فى المقابل، الجامعات التى تساوينا فى المركز تتفوق علينا فى هذا المعيار مثلاً. فإسرائيل أو جنوب أفريقيا، ربما يزور جامعتيهما 100 أستاذ أجنبى فقط.. ولكن تأخذان درجة أعلى لقلة عدد الطلاب.. وهذا هو “مربط الفرس”.
وأضاف أن كلية العلوم هى أكبر الكليات الجاذبة لأساتذة زائرين من مختلف دول العالم، خصوصاً الهند وشرق آسيا وأوروبا وأمريكا والدول العربية أيضاً.
وأشار إلى أن التعليم الجامعى فى مصر مرتبط باعتبارات اجتماعية، والجامعة تقوم بتحديد العدد المطلوب لكل كلية. ولكن مكتب التنسيق هو الذى يفرض علينا الأعداد الزائدة على حاجة الكلية. فالعدد لست من أحدده، ومفروض على الجامعة.
وتابع: يجب ألا نغلق بابنا فى وجه الطلاب.. وهذا العدد الضخم يكون فى الكليات النظرية مثل الحقوق التى يوجد بها 40 ألف طالب، والتجارة 60 ألفا، ودار العلوم 20 ألفاً. وبذلك فإن 3 كليات تستحوذ على نصف عدد طلاب الجامعة.
أما كلية الطب مثلاً، فلو قارنت عدد الأساتذة بالطلاب فى الطب، فلكل طالب 4 أساتذة، وهذه نسبة غير موجودة فى أى مكان فى العالم.. فيوجد حوالى 1000 طالب، و4000 أستاذ فى الكلية.
وأوضح أن الحلول البديلة هى إنشاء جامعات جديدة، وإطلاق الجامعات الأهلية بضوابطها.
أكد أن الجامعة لا تتكسب من البرامج التعليمية والبرامج الدراسية، باستثناء الوافدين غير المصريين. وهناك ما يقوم به الباحثون المصريون من كسب عبر مشروعات بحثية تطرح فى مسابقات علمية، و20% من هذا الكسب يعود إلى الجامعة، بالإضافة لما تقدمه الجامعة من خدمات صناعية واستشارات هندسية وعلمية وطبية.
وقال إن جامعة القاهرة تدخل التصنيف بقوة، لأنها تعد أكبر جامعة تجرى أبحاثاً علمية دولية، إذ ارتفع عدد هذه الأبحاث من 1400 بحث منذ عامين، إلى 2846 بحثاً علمياً دولياً العام الحالي، وتم نشرها فى مجلات ودوريات علمية فى جميع المجالات. ونستهدف الكيف والنوع وليس الكم فى الفترة القادمة، بمعنى أن تحصل الأبحاث على معدل نشر أعلى.
وتتميز جامعة القاهرة على مستوى العالم فى 5 مجالات هى الكيمياء، والفيزياء، والرياضيات، والأورام، والأمراض المتوطنة، والطيران والحاسبات فى كلية الهندسة.
ومن المفترض أن موازنة الجامعة من الدولة 2 مليار و100 مليون جنيه. لكن ما تحصل عليه الجامعة مليار و400 مليون فقط. والعجز يبلغ 600 مليون جنيه.
ونوفر هذا العجز من الموارد الذاتية، مثل مستشفيات جامعة القاهرة، وعائد البحث العلمي.
وذكر أنه تم تخصيص قطعة أرض تابعة للجامعة فى الشيخ زايد على مساحة 575 فداناً، لإنشاء فرع دولى لجامعة القاهرة، بالشراكة بين جامعات الصف الأول فى أوروبا وأمريكا. وبدأنا الفكرة بالفعل وجارٍ العمل على تنفيذها قريباً.
وقال نصار، أنه يجرى بناء مستشفى الأمراض المتوطنة فى شارع الهرم على مساحة 8 أفدنة بتكلفة تتجاوز 400 مليون جنيه على 3 مراحل، الأولى يتم الانتهاء منها فى يناير المقبل بتكلفة 150 مليون جنيه.
أضاف أن هذا المستشفى سيحقق نقلة نوعية غير موجودة فى الشرق الأوسط كله، لأنه يعنى بالأمراض المتوطنة والفيروسات. وتوجد به معامل هى الأولى فى الشرق الأوسط.
كما يوجد مشروع معهد ومدينة الأورام مستشفى “500500” على مساحة 33 فداناً بمدينة الشيخ زايد، وتقدر تكلفته بنحو 2 مليار جنيه، وبه مركز أبحاث للأورام سيكون الأحدث على مستوى العالم.. وبه مستشفى للأورام، وعيادات خارجية على أعلى مستوى.
وبسؤاله عن الخلل بين احتياجات السوق ومخرجات التعليم الجامعي وإمكانية معالجة ذلك قال نصار، فى كل دول العالم هناك مربعان، واحد للتعليم والآخر للتأهيل. وهنا فى الجامعة نحاول تطبيق ذلك من خلال المراكز البحثية والتعليمية.. لكن فى مصر هناك ثقافة منذ الستينيات أن الدولة تعلم وتوظف وهذا خطأ لأنه يقتل الإبداع.
فأصبحنا نرى خريج كلية العلوم- قسم فيزياء مثلاً، يعمل موظفاً إدارياً فى أى شركة، أو يلتحق بوظيفة عامل فنى للصرف الصحي.. وهذه منظومة غير صحيحة.
وقدرة الجامعة على التأهيل والتوظيف ليست مرتبطة بالعملية التعليمية فقط، وإنما بالعملية التدريبية والتحويلية.
والحل أن الدولة تعلم وتساهم فى التأهيل.. ولدينا كليات فى الجامعة تصل قدرة التوظيف بها إلى 100%، مثل الطب والصيدلة والعلاج الطبيعي. والمشكلة كما قلت سابقاً فى أعداد الكليات النظرية الضخمة.
وقال إن هناك مراكز تدريب وتأهيل تابعة لإدارة الجامعة، والكليات تعطى فرصة أكبر للخريج وتؤهله للسوق من خلال الممارسة والتدريب، لكن لا تستوعب هذا العدد الهائل من الخريجين.
وأضاف لدينا علماء متخصصون فى جميع المجالات، ولكن هناك حلقة مفقودة بين البحث العلمى ومجتمع الأعمال، متسائلا من يقوم على ترجمة هذه الأبحاث العلمية.. الجامعات أم الحكومة.
وأوضح أن الحكومة لا تنفذ مخرجات هذه الأبحاث، وتعمل على ترجمتها إلى اختراعات تفيد المجتمع، وفى الوقت نفسه لا يسمح للجامعات بتنفيذ وتطبيق نتائج هذه الأبحاث بناء على نص المادة “189” من قانون تنظيم الجامعات، التى لا تتيح للجامعة تصنيع مخرجات البحث العلمى، وطالب بتغيير هذه المادة حتى تحصل الجامعة على حق تصنيع مخرجات أبحاثها العلمية، على أن تتحمل تكاليف الإنفاق على التصنيع من ميزانيتها الخاصة.
وضرب نصار مثلاً للحلقة المفقودة، فقد كان هناك فريق بحثى من جامعة القاهرة وجامعة يابانية، اخترعوا ماكينة لتحويل الصرف الصحى إلى مياه صالحة للشرب بتكنولوجيا الهواء، وغير مكلفة مادياً.
والمفارقة أن طوكيو صنعت بالفعل هذه الماكينات وتستخدمها، بينما نحن لم نتخذ أى خطوة حتى الآن، رغم تشكيل لجنة خاصة قامت بزيارة اليابان لرؤية الماكينة.. ولكن لا جديد.
وقال إن الحل فى استحداث نص قانونى يتيح للجامعة تصنيع ما تقوم به من مخرجات البحث العلمي.
وفيما يخص استراتيجية الجامعة لمواجهة أعمال العنف والشغب خلال العام الدراسى الجديد، قال نصار إن العنف أصبح من الماضي. ولكن الاستراتيجية الجديدة استحدثت برنامجاً يكشف بيانات الطالب من خلال وضع المؤشر على الوجه، فى خطة لمواجهة الإخوان والمتطرفين، وتقليل الاحتكاكات والمواجهات المباشرة بين الأمن والطلاب.
وذكر أن الأمن الإدارى أصبح مدرباً وعلى قدر من الكفاءة. أما وزارة الداخلية فلديها ما يكفيها من مواجهات ضد الإرهاب، وتحقيق الأمن فى الشارع المصرى.