من واقع خبرتنا العملية المحلية والإقليمية والعالمية في مجال الاستثمار والترويج، ومن خلال جولات مكثفة في أكثر من 40 دولة حول العالم، من شرقها إلى غربها، مرورًا بمختلف التجارب التنموية، ومناطقها الصناعية والاقتصادية والحرة، فإننا نؤكد أن هذه التجارب تقدم دروسًا لا تحتاج إلى إعادة اختراع أو بدء معركة جديدة في بيئة الاستثمار والتنمية.
ومن واقع تولينا مهمة نائب رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لشؤون الاستثمار والترويج، ولو لفترة قصيرة جدًا وفي ظروف صعبة، استطعنا تحقيق إنجازات كبيرة يشهد لها الجميع داخل مصر وخارجها. فقد مثلت الاستثمارات التي جذبناها خلال فترة تولينا، والتي امتدت على مدار عام وثلاثة أشهر، نحو 85٪ من إجمالي استثمارات المنطقة، نتيجة للنشاط والحركة السريعة والإيجابية خلال الفترة من يناير 2023 حتى مارس 2024.
وقد ساعدنا ونشطنا فريق العمل لتحقيق هذا النجاح، وامتد الأثر الإيجابي لما أنجزناه ليصل إلى نسبة تتراوح بين 65 و70% خلال الفترة من يناير 2023 حتى مايو 2025، نتيجة للبناء على ما تحقق خلال الفترة الأولى، مع استمرار فريق العمل حتى هذه اللحظة في استكمال المسيرة التي بدأها من سبقونا قبل عام 2023، لترتيب “المنزل من الداخل” بعد قرار إعادة إنشاء الهيئة في عام 2015.
ويكفي للتوضيح أنه عندما قمنا بزيارة منطقة أبو خليفة الصناعية غرب القناة في مارس 2023، كانت خالية تمامًا، وكذلك الأمر بالنسبة لمنطقة وادي التكنولوجيا شرق القناة في ذات الشهر، حيث كانت أرضًا خاوية تمامًا رغم ما تتمتع به من مزايا.
اقرأ أيضا: إبراهيم مصطفى يكتب: الإذعان العقارى
ومن خلال جهودنا وجهود فريق العمل تحت قيادتنا، استطعنا استهداف 15 شركة صناعية في مجالات المنسوجات، والملابس، والصناعات المرتبطة بها، إضافة إلى صناعات متوسطة وصغيرة، من جنسيات صينية وتركية، بإجمالي استثمارات مستهدفة تصل إلى 21.5 مليار دولار. علمًا بأنه منذ تركنا الموقع وحتى الآن، لم يُضف سوى شركتين جديدتين فقط إلى الـ15 شركة التي تم ذكرها، وذلك خلال الفترة من أبريل 2024 حتى مايو 2025.
كما شهدت منطقة السخنة الصناعية زيادة ملحوظة في الاستثمارات والتوسعات، نتيجة لدعم المطورين الصناعيين العاملين بها، وتنشيط أدائهم، وتبسيط الإجراءات، وحل المشاكل التي كانت تعيق حركتهم، ما ساهم في جذب مزيد من الاستثمارات، وطلب أراضٍ جديدة للتوسع.
ولا عجب أن الشركات العالمية الاستشارية التي تعمل لصالح عملاء من كبار المستثمرين حول العالم، لا تزال تستعين بنا حتى اليوم، لطلب المشورة بشأن الاستثمار في هذه المنطقة الحيوية، نظرًا لما تتمتع به آراؤنا من وضوح وواقعية تُجيب “من الآخر”.
هذه المنطقة الحيوية تحتاج إلى فكر جديد في إدارتها، نظرًا لما تملكه من إمكانات اقتصادية، ومزايا تنافسية واستثمارية كبيرة، لمن يرغب في الاستثمار في موقع يقع في قلب العالم، حول أهم مجرى ملاحي عالمي. فهي تعد أحد الشرايين الأساسية، إن لم تكن الأهم، في عالم الملاحة البحرية واللوجستيات، مما يمنح مصر ميزة استراتيجية لا تتوفر لأي دولة أخرى، حيث تمر عبرها نحو 12% من حجم التجارة العالمية، و10% من التجارة البحرية.
اقرأ أيضا: إبراهيم مصطفى يكتب: توطين الصناعة فى مصر.. بين التحديات والفرص
لذلك، لا غرابة في أن مصر تُحارب كلما حاولت النهوض، عبر أزمات اقتصادية أو لوجستية أو جيوسياسية تُفتعل عالميًا. ومع ذلك، ما زالت مصر تنبض بالحياة، قوية بقيادتها، وجيشها، وشعبها.
فمصر غنية بمواردها وإمكاناتها، ومن أبرز هذه الموارد قناة السويس، كمجرى ملاحي، والمنطقة الاقتصادية المحيطة به على جانبي القناة.
وهنا من المهم التفريق بين “المجرى الملاحي لقناة السويس”، والذي تشرف عليه هيئة مستقلة خاصة، وهي هيئة قناة السويس، التي أنشئت بعد تأميم الممر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتخليصه من الاحتلال البريطاني. وتُعد الهيئة كيانًا مصريًا مستقلاً، يتبع رئيس الجمهورية مباشرة، وتتمتع بكامل الموارد، والمعدات، والأصول، وتُشرف على إدارة المجرى الملاحي وكل ما يتعلق بخدماته.
وفي المقابل، هناك “الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس”، وهي هيئة مستقلة أخرى تتبع أيضًا رئيس الجمهورية مباشرة، وتُشرف حاليًا على تنمية 4 مناطق صناعية متفرقة، و6 موانئ: 3 على البحر الأحمر جنوب الممر الملاحي، و3 على البحر المتوسط شماله، بإجمالي مساحة حالية تبلغ نحو 455 كم²، موزعة حول الممر الملاحي.
وقد كانت الهيئة تُعرف سابقًا باسم “هيئة شمال غرب خليج السويس”، بمساحة إجمالية لا تتجاوز 20 كم²، دون موانئ تابعة. وتم إنشاؤها وفقًا لقانون المناطق الاقتصادية الخاصة رقم 83 لسنة 2002، واستمرت كذلك حتى عام 2015، حين أُعيد إنشاؤها بشكلها الجديد وبمساحتها الموسعة، بموجب القرار الجمهوري رقم 330 لسنة 2015 الصادر في أغسطس 2015، مع تعديلات قانون 83 بالقانون رقم 27 لسنة 2015، لتوسيع نطاق المنطقة الاقتصادية ليصل إلى 461 كم²، ثم إلى 455 كم² حاليًا، بعد خصم بعض المساحات وضم أراضٍ ومدن جديدة.
تضم هذه المنطقة 3 مدن صناعية رئيسية: العين السخنة بالسويس، الإسماعيلية، وبورسعيد، إضافة إلى 6 موانئ استراتيجية: السخنة، الأدبية، شرق وغرب بورسعيد، العريش، والطور.
وقد منحت التعديلات، بموجب القانون رقم 27 لسنة 2015، مجلس إدارة الهيئة استقلالية واسعة، ورفعت من مستوى الحوافز الضريبية المقدمة للمستثمرين، ليصبح مجلس الإدارة بمثابة “مجلس وزراء مصغّر” لهذه المنطقة الحيوية.
وعلى صعيد المناطق الصناعية، فهناك 4 مناطق رئيسية موزعة على طول الممر من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب: منطقة السخنة الصناعية بمساحة 186 كم²، وتضم 13 مطورًا صناعيًا، مثل شركة التنمية الرئيسية MDC، وتيدا الصينية، وأوراسكوم، والسويدي، والشرقيون وغيرهم. ومنطقة القنطرة غرب “أبو خليفة” بمساحة 19.5 كم²، والقنطرة شرق “وادي التكنولوجيا” بمساحة 71.8 كم²، ومنطقة شرق بورسعيد بمساحة تقترب من 64 كم² (63.5 كم²)، والتي أصبحت تضم مطورين صناعيين رئيسيين بعد دخول “موانئ أبوظبي العالمية” و”كيزاد” التابعتين لأبوظبي القابضة للاستثمار، لتطوير رصيف في ميناء شرق بورسعيد، ومنطقة لوجستية وصناعية متاخمة له، إلى جانب شركة شرق بورسعيد للتنمية، في مشروع استثماري ضخم ومهم.
أما الموانئ الستة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فهي:
ميناء السخنة بمساحة 25 كم²، ويشهد تطويرًا كبيرًا شارف على الانتهاء، وكان من المفترض تشغيله لولا أحداث البحر الأحمر بسبب الحرب في غزة، وما تبعها من تحويل لمسارات السفن وتأثر حركة الملاحة في قناة السويس، مما أدى إلى انخفاض عوائدها بنسبة 70%.
ميناء الأدبية بمساحة 1.67 كم².
ميناء شرق بورسعيد بمساحة 9.5 كم²، والذي تُديره شركات عالمية مثل ميرسك.
ميناء غرب بورسعيد بمساحة 1 كم²، والذي شهد مؤخرًا تطوير رصيف عباس، إلى جانب مشاريع تطوير أخرى.
ميناء العريش بمساحة 1.55 كم²، ويُعد ذا أهمية بالغة، حيث يستقبل حاليًا كافة المساعدات الموجهة إلى غزة، بالإضافة إلى خدمته لصناعة الأسمنت المحجرية في سيناء.
ميناء الطور بمساحة 0.5 كم².
