تراهن الحكومة على زراعة أصناف جديدة ومنتقاة من الأرز البسمتي، لخفض الفاتورة الاستيرادية، وزيادة التصدير، بجانب تقليل استهلاك المياه.
وتسعى الحكومة، للتوسع في استخدام تقنية الغلايات في عملية تسمى “التقشير” أو “التحبيب”، بدلا من مضارب الأرز التقليدية.
وتزيل “الغلايات”، الغلاف الخارجي الصلب أو القشرة من حبوب الأرز الشعير، بشكل أفضل من المضارب التقليدية التي تتسبب في تكسير حبوب الأرز.
كما أن التوسع في زراعة الأرز البسمتي واستيراده في حالته الأولية، يفتح الباب أمام ضخ استثمارات جديدة في قطاع المضارب، خصوصا في ظل وجود أسواق مجاورة يرتفع فيها الطلب على “البسمتي” خصوصا منطقة الخليج.
قال الدكتور حمدي موافي، رئيس المشروع القومي لتطوير الأرز الهجين بوزارة الزراعة، إن الحكومة وضعت استراتيجية متكاملة بالتنسيق مع اتحاد الصناعات، تهدف إلى إدخال مضارب وغلايات مخصصة للأرز البسمتي، لتصنيعه بالجودة العالمية المعروفة، والحد من الاستيراد الذي تتراوح قيمته بين 200 ـ 300 مليون دولار سنويًا.
أضاف لـ”البورصة”، أن المضارب التقليدية في السوق المحلي تتسبب في نسب كسر مرتفعة لحبة الأرز البسمتي .. الأمر الذي دفع الوزارة إلى دراسة حلول تقنية لمواجهة هذه المشكلة، من خلال التوسع في استخدام غلايات الأرز، التي تفصل القشرة عن الحبة البيضاء من الداخل بطريقة تحافظ على شكلها دون كسر.
أشار موافي، إلى أن الأرز المصري العادي يُعد أحد أفضل أنواع الأرز عالميًا، وهو ما شجّع الوزارة على التوسع في زراعة الأرز البسمتي لتقليل الفاتورة الاستيرادية، لافتًا إلى أن مصر أصبحت ثاني دولة بعد الهند تُسجل وتُعرف هجنًا محلية من الأرز البسمتي، كان أولها “بسمتي 11″.
واوضح أن مصر تمتلك حاليًا أصناف تقاوي بسمتي كافية لتغطية المساحات المستهدفة، وقد جرى استنباطها محليًا وفقًا للنمط الوراثي للأصناف الهندية والباكستانية، وهي أصناف عالية الإنتاجية وتوفّر في استهلاك المياه.
وتابع:” الأصناف المصرية المستنبطة، وعددها 4 ـ 5 أصناف، تضاهي من حيث الجودة والصفات الشكلية أفضل الأصناف العالمية للأرز البسمتي، إذ تتميز بحبة طويلة تصل بعد الطهي إلى 2 ملليمتر”.
وأحد هذه الأصناف هو هجين بسمتي بإنتاجية تفوق 5 أطنان للفدان، لكن إنتاج هذه الهجن يتطلب شراكة فاعلة مع القطاع الخاص والشركات المنتجة للتقاوي.
وتتجاوز إنتاجية هذه الأصناف 4 أطنان للفدان، باستهلاك مياه لا يتجاوز 4200 متر مكعب، وهو معدل قريب من محاصيل تُصنف على أنها “محاصيل جافة” مثل الذرة، ما يعزز الجدوى البيئية والاقتصادية من زراعة الأرز البسمتي.
أكد موافي، أن مصر نجحت في إنتاج أرز بسمتي يتمتع بالمواصفات والجودة نفسها التي تتميز بها كبرى الدول المنتجة مثل الهند وباكستان وسنغافورة، مشيرا إلى أن المشروع القومي استهدف خلال الموسم الحالي زراعة مساحات بغرض إنتاج التقاوي، بكمية تصل إلى 30 طنا.
وتخطط الوزارة للتوسع تدريجيًا وصولًا إلى زراعة 100 ـ 150 ألف فدان من الأرز البسمتي وأرز ” الياسمين” بحلول عام 2027، ضمن إجمالي المساحة المقررة للأرز والبالغة 1.1 مليون فدان، بشرط توافر منظومة تصنيع متكاملة من قبل المستثمرين.
وتميل تفضيلات المستهلكين المحليين ، للأرز قصير الحبة .. لكن الطلب على الأرز البسمتي يرتفع بشكل ملحوظ في المناسبات الاجتماعية وحفلات الزفاف.
وتجري الوزارة حاليًا مفاوضات مع القطاع الخاص لإيجاد حلول عملية لمشكلة نقص المضارب والغلايات المتخصصة، مشيرًا إلى أن تكلفة إنشاء مضرب وغلاية واحدة لا تتعدى 2 ـ 3 ملايين جنيه، وهو ما يجعلها فرصة استثمارية واعدة.
مسعود: “العلاقي” تستثمر 2.7 مليون دولار في خط إنتاج جديد لتلبية الطلب المحلي والتصدير
وقال خالد مسعود، رئيس مجلس إدارة شركة “العلاقي” لتصنيع وتصدير الحاصلات الزراعية، إن ارتفاع الطلب على الأرز البسمتي في السوق المحلية دفع الشركة لإضافة خط إنتاج جديد مخصص لهذا النوع، بطاقة إنتاجية 50 طنا يوميًا وبتكلفة استثمارية تصل إلى 2.5 مليون دولار، على أن يدخل حيز التشغيل بداية العام المقبل.
أضاف مسعود، أن الطلب المحلي يأتي من الفنادق والمطاعم والجاليات العربية. وتستهدف الشركة التصدير إلى الأسواق العربية نظرًا لزيادة الطلب الخارجي، متوقعًا ارتفاع الصادرات بنسبة 17% بعد تشغيل الخط الجديد.
كما توقع وصول صادرات الشركة إلي 27 مليون دولار بنهاية العام الحالي.
النجاري: 100 ـ 120 مليون دولار واردات الأرز البسمتي وطويل الحبة
وشدد مصطفى النجاري، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، على أهمية وجود شريك خاص لديه استعداد لضخ استثمارات في مجالات الغلي والتخزين لمدة تصل إلى عامين قبل ضرب الأرز في مضارب مزودة بأسطوانات وأجهزة تقشير متطورة، تحفظ جودة الحبة وتمنع تكسيرها، بما يضمن الجدوى الاقتصادية للإنتاج المحلي.
أضاف أن تحقيق هذه الاستثمارات يتطلب حوارًا مباشرًا بين مركز الاستنباط وممثلي المضارب لوضع أسس شراكة تضمن نجاح التجربة، وتشجع المزارعين على الدخول كطرف فاعل في المنظومة لتوفير الأرز الشعير.
أوضح النجاري، أن واردات مصر من الأرز البسمتي وطويل الحبة تبلغ حاليًا نحو 140 ألف طن سنويًا، بتكلفة تتراوح بين 100 ـ 120 مليون دولار. ومن المتوقع ارتفاعها إلى 225 مليون دولار بحلول 2027، مع زيادة الطلب من جانب الوافدين والمستهلكين المحليين.
النجار: أتوقع إقبالًا من مضارب القطاع الخاص على الاستثمار في تقنية “الغلايات”
وقال خالد النجار عضو شعبة الأرز باتحاد الصناعات ورئيس أحد المضارب بمحافظة كفر الشيخ، إن العديد من مضارب القطاع الخاص تمتلك القدرة على ضرب الأرز البسمتي بجودة تضاهي المستورد.
أضاف أن ضرب الأرز البسمتي الأصفر المغلي يتطلب استثمارات إضافية، كانت متوفرة سابقًا لدى مضارب القطاع العام، موضحًا أن ضعف الكميات المتاحة من الأرز البسمتي في السوق المحلية، حال دون دخول المضارب الخاصة في هذا المجال.
وتوقع النجار أن تشهد الفترة المقبلة إقبالًا من مضارب القطاع الخاص على الاستثمار في هذه التقنية، خاصة مع اتساع رقعة الزراعة وزيادة المعروض، ما سيدفع المستثمرين إلى تطوير خطوط الإنتاج.
وكشف أن الغلايات تمنح الحبة لونًا مميزًا وتزيد صلابتها، وهو ما يعزز قدرة المنتج المصري على المنافسة في الأسواق التصديرية، خصوصًا فيما يتعلق بدرجة الكسر واللون، لافتًا إلى أن الاستهلاك المحلي من الأرز البسمتي يصل إلى نحو 120 ألف طن سنويًا، وهو رقم كبير يحمّل الدولة أعباء إضافية في توفير العملة الأجنبية، ما يجعل التوسع في زراعته وتصنيعه محليًا خطوة ضرورية لسد الاحتياجات وتقليل الضغط على النقد الأجنبي.








