وسط تحولات كبيرة يشهدها السوق المصرى فى قطاع الإضاءة، تتسابق الشركات الكبرى، والعلامات التجارية الصاعدة، وحتى الورش الشعبية، على اقتناص حصة من سوق يزداد زخماً يوماً بعد يوم، مدفوعاً بارتفاع أسعار الكهرباء، وتزايد وعى المستهلك بأهمية كفاءة الطاقة.
وبينما تسعى كيانات مثل «السويدى» و«إليوس» إلى توسيع نفوذها عبر استثمارات ضخمة وتكنولوجيا متقدمة، تواصل المنتجات الشعبية منخفضة الجودة اجتذاب المستهلكين؛ بسبب فارق السعر، فى مشهد يعكس التحدى الرئيسى بين «السعر» و«الجودة».
وقال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية فى اتحاد الصناعات، إن صناعة لمبات الليد صناعة واعدة تواجهها عدة مشكلات مثل: ارتفاع الجمارك، وإغراق الأسواق بالمنتجات الردئية المستوردة من الصين.
أشار إلى أن شعبة الأدوات الكهربائية فى الغرفة تعكف حالياً على إعداد دراسة متطورة لبحث آليات تعميق نسبة المكون المحلى بها للاستفادة من اتجاه السوق لهذا المنتج.
أضاف أن الدراسة تتم من خلال شركة متخصصة فى صناعة لمبات الليد، وتركز على كيفية زيادة نسبة المكون المحلى بها، وجذب استثمارات جديدة فى الصناعات المغذية، كما تبحث الحوافز التى يحتاج إليها المستثمر للتوسع فى هذه الصناعة خاصة فى المناطق الصناعية الجديدة.
وبحسب البيانات الرسمية لغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، يعمل فى مصر نحو 70 مصنعاً مسجلاً لدى شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، إلى جانب آلاف الورش العاملة فى تجميع لمبات الليد ولا تخضع لأى رقابة سواء من هيئة الرقابة الصناعية، أو اختبار كفاءة الطاقة.
كما يصل حجم الاستهلاك من اللمبات إلى حوالى 300 مليون لمبة فى العام متنوعة بين لمبات ليد، وموفرة بجميع أنواعها، وفلورسنت، ومتوهجة.
«حسنى»: 15% نمواً مستهدفاً فى مبيعات لمبات الليد بنهاية 2025
وتعتزم شركة السويدى للإضاءة، إحدى الشركات الرائدة فى صناعة مستلزمات الإضاءة والكابلات، تنفيذ خطة توسعية طموح حتى عام 2030، تتضمن افتتاح 100 فرع جديد داخل مصر، إلى جانب تعزيز وجودها فى الأسواق الخليجية، حسبما قال أسامة حسنى، مسئول المبيعات بالشركة.
أضاف أن حجم إنتاج اللمبات الليد ارتفع خلال 2025، مقارنة بالعام السابق، مدفوعاً بنقص الخامات لدى بعض الشركات الأخرى، وهو ما جعل السويدى ترفع طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد.
أضاف «حسنى» لـ«البورصة»، أن السويدى تصدر منتجاتها إلى السعودية وقطر ودول خليجية أخرى، وتمتلك مكتباً تمثيلياً فى دبي، بالإضافة إلى مصانع لإنتاج الكابلات فى قطر ودول الخليج.
وأوضح أن الشركة تمتلك مصنعين متخصصين؛ أحدهما لإنتاج الكشافات، والآخر لإنتاج اللمبات، إلى جانب 30 فرع بيع مباشر داخل مصر، مدعومة بشبكة واسعة من الموزعين المحليين.
وأشار إلى أن نسبة المكون المحلى فى منتجات الشركة 60%، مقابل 40% من المكونات المستوردة، التى يتم جلبها من أسواق متنوعة مثل الصين وأوروبا وألمانيا وبلغاريا، مؤكداً قدرة الشركة على تصنيع منتجات محلية تنافس المستورد من حيث الجودة.
ولفت إلى أن أسعار لمبات الليد فى الشركة تتراوح بين 50 جنيهاً للمبة 9 وات، و200 جنيه، بحسب المواصفات، موضحاً أن التوفير فى استهلاك الكهرباء يختلف وفقاً لنوع الاستخدام وثبات التيار الكهربائى وجودة المكونات.
وأكد أن ارتفاع أسعار الكهرباء ينعكس بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج وأسعار البيع، مشيراً إلى وجود تحديات تتعلق بانتشار منتجات غير مطابقة للمواصفات فى الأسواق الشعبية، والتى تُباع بأسعار منخفضة للغاية.
وكشف «حسنى» عن نمو مبيعات لمبات الليد فى «السويدى» بنسبة 15% منذ بداية العام الجارى، مقارنة بـ2024، مشدداً على إمكانية تمييز المنتجات الأصلية عبر الرقم التسلسلى المطبوع على كل قطعة.
«نادى»: إطلاق تطبيق إلكترونى للتواصل مع العملاء والتوسع فى الأسواق المحلية والدولية
من جانبها، تستعد شركة إليوس، المتخصصة فى تصنيع وتوزيع منتجات الإضاءة، لإطلاق تطبيق إلكترونى تفاعلى فى بداية عام 2026، يهدف إلى تسهيل التواصل المباشر مع العملاء والموزعين، وتقديم خدمات ما بعد البيع، بالإضافة إلى استعراض العروض والخصومات وتحديد مواقع الفروع، حسبما قال عادل نادى، موزع معتمد لشركة إليوس.
وأشار إلى أن الشركة تمتاز بجودة منتجاتها التى تجمع بين التكنولوجيا الإيطالية والتصنيع المحلى، مع ضمان يصل إلى 4 سنوات إذ تستورد جميع خاماتها من إيطاليا.
وأوضح أن إليوس بدأت نشاطها من خلال إنتاج البرّايزة وشريط اللحام، وتطورت إلى إنشاء مصنع متكامل للإضاءة، إضافة إلى مصانع للكرتون المخصص للتغليف.
ولفت إلى أن شركة أنسيا تتولى توزيع منتجات إليوس داخل مصر، ويبلغ عدد الموزعين نحو 13 ألف موزع على مستوى الجمهورية، مؤكداً أن منتجات إليوس تتمتع بعمر تشغيلى يصل إلى 25 ألف ساعة، مقارنة بـ10 آلاف ساعة فقط لبعض العلامات الأخرى.
ذكر أن الشركة أطلقت حديثاً منتجاً جديداً يحمل اسم «لمبة الترالِد»، تعمل بقدرة 9 وات وتُنتج 1260 لومين، ما يجعلها أكثر كفاءة فى استهلاك الكهرباء.
وأوضح أن استثمارات الشركة السنوية تبلغ نحو مليار جنيه، مع معدلات نمو تتراوح بين 30% و40% سنوياً، كما تقوم بالتصدير إلى ليبيا والسودان وسنغافورة والإمارات.
وأشار إلى أن التحديات الرئيسية التى تواجهها الشركة تتمثل فى نقص بعض المنتجات بنسبة 5%، وعلى رأسها اللمبة الكاسة، والسبوت، واللمبات «متر ونص»، نتيجة تأخير الإفراج الجمركى عن المكونات المستوردة.
«زاهر»: المنتجات الشعبية تسيطر على السوق رغم ضعف الجودة وانخفاض الأسعار
وقال طارق زاهر، وكيل معتمد لعدة شركات إضاءة، إن المنتجات الشعبية لا تزال الأكثر شراءً بين المستهلكين بسبب انخفاض أسعارها؛ إذ يتراوح سعر اللمبة ما بين 10 و20 جنيهاً فقط، رغم أن قدرتها التشغيلية ضعيفة وتنطفئ أحياناً بعد أيام قليلة من الاستخدام.
ولفت إلى أن هذه المنتجات يتم تصنيعها فى ورش غير مرخصة، ما يفسر تدنى جودتها وقصر عمرها الافتراضى، ورغم ذلك يواصل المستهلكون الإقبال عليها كحل سريع منخفض التكلفة.
وطالب بضرورة إزالة العوائق أمام مصنعى لمبات الليد من خلال تخفيض الجمارك على مستلزمات التصنيع وتشديد الرقابة على المنتجات التى يتم استيردها من الخارج.
من جانبه، قال يوسف محمد، موظف فى شركة راما، المتخصصة فى مستلزمات الكهرباء والإضاءة، إن الشركة تأسست عام 2017 وتُركز على إنتاج السبوتات ولمبات الليد، التى توفر أكثر من 60% من استهلاك الكهرباء، وتتراوح أسعارها بين 35 و100 جنيه حسب الجودة والعلامة التجارية.
وأضاف أن الشركة تنتج لمبات بحماية تصل إلى IP67، وهى أعلى من معدلات الشركات المنافسة، وتعتمد على استيراد بعض المكونات من الصين وتجميعها فى مصانع محلية.
وأوضح أن مبيعات الشركة تراجعت بنسبة 5% خلال 2025، بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية، مشيراً إلى أن الأفراد لا يزالون الشريحة الأكبر من العملاء مقارنة بالمؤسسات.
قال المهندس وائل شادى، رئيس الشركة العربية لأنظمة الطاقة، إن صناعة اللمبات فى مصر شهدت تحسناً ملحوظاً مؤخرًا، مشيراً إلى أن الإنتاج أصبح مبنياً على طلب السوق، بعدما كانت الشركات تنتج أولاً ثم تبحث عن التوزيع.
وأكد «شادى» لـ«البورصة» أن شركته تُصدر إلى دول الخليج وليبيا، مؤكداً قدرة المنتج المصرى على المنافسة دولياً، بشرط الالتزام بالمواصفات الفنية الدقيقة، خاصة فى الأسواق الأوروبية.
وأوضح أن الشركة تسعى للدخول فى مجال الإضاءة الديكورية وتطوير جودة منتجاتها، مشيراً إلى أن مصر يمكن أن تصبح مركزاً إقليمياً لصناعة الإضاءة حال اكتمال سلاسل الإنتاج محلياً، لا سيما فى ظل الاعتماد الحالى على استيراد بعض المكونات الحساسة مثل الليد والدوائر الإلكترونية.
وقال محمد حسن، صاحب معرض فليكس للأدوات الكهربائية، إن أسعار لمبات الليد متفاوتة، حيث تبدأ اللمبات الشعبية من 10 جنيهات للمبات 9 وات وصولاً إلى 250 جنيهاً للمبة 25 وات.
أضاف: «يبدأ سعر اللمبات ذات الجودة العالية والعلامات المعروفة من 25 إلى 50 جنيهاً للمبة 9 وات وتتفاوت هذه الأسعار من شركة لأخرى حسب شدة الإضاءة ويصل سعر اللمبة 50 وات إلى 350 جنيهاً».
أوضح «حسن»، أن حصة اللمبات ذات الجودة المرتفعة تتزايد فى الأسواق؛ إذ إن المستهلك أصبح قادراً على تمييز الأنواع الجيدة؛ نظراً إلى وجود ضمان معها وعمرها الافتراضى يصل إلى 3 سنوات، كما يوجد نسبة كبيرة تعتمد على المنتجات الأقل فى السعر توفيراً للأموال، لكن بعد احتساب جدواها الاقتصادية يجدها أفضل فى التكلفة.
وأشار عدد من تجار الأدوات الكهربائية فى العتبة، إلى أن اللمبات الشعبية يرتفع الطلب عليها فى المحافظات النائية؛ نظراً إلى انخفاض سعرها، وتفضيل المستهلك السعر على الجودة، بالإضافة إلى عدم توعية المستهلك بأن المنتجات الرديئة لا توفر فى الكهرباء وعمرها أقل، وإضاءتها ضعيفة.
أوضح التجار أن اللمبات 9 وات تستحوذ على حوالى%80 من حجم مبيعات لمبات الليد؛ لقرب سعرها وإضاءتها باللمبات المتوهجة 100 وات، التى ظلت تعتمد عليها المنازل سنوات طويلة، لكنها أقل فى استهلاك الكهرباء بنسبة تتجاوز%90.
وقال أحد الباعة فى سوق الأدوات الكهربائية، إن اللمبات الليد والموفرة تستحوذ حالياً على حوالى%90 من مبيعات اللمبات، مقابل%10 فقط للمبات المتوهجة.
«فيلبس» تستحوذ على 40% من المبيعات المحلية
فى السياق ذاته، قال بهجت كامل، موزع معتمد لفيلبس، إن منتجات الشركة تمثل أكثر من 40% من مبيعاته، وتُفضّل بين العملاء لجودتها العالية وخلوها من الشكاوى، وتتراوح أسعارها بين 50 و300 جنيه، وتصل قدرة التشغيل لبعض اللمبات إلى 35 وات.
قال عماد أحمد، أحد التجار، إن أسعار اللمبات انخفضت بنسبة 10% خلال الفترة الأخيرة نتيجة تراجع سعر الدولار، على الرغم من ارتفاع أسعار النحاس، مضيفا أن شركة فيلبس تطلق عروضاً ترويجية عند زيادة المبيعات.
من جانبه، قال صبحى يوسف، المدير التنفيذى لشركة صبحى جلوبال، إن شركته لا تتعامل مع منتجات الإضاءة الشعبية رغم انخفاض أسعارها، مؤكداً أن مبيعات الإضاءة لا تمثل أكثر من 5% من نشاط الشركة لضعف هامش الربح.
وأوضح لـ«البورصة» أن معظم الشركات تعتمد على مكون محلى بنسبة 60%، فيما يتم التجميع داخل مصر لتقليل تكلفة الجمارك.
وكشف عن توجه الشركة نحو التوسع فى مشاريع الطاقة الشمسية، لافتاً إلى أنها بدأت فى تنفيذ محطات إضاءة للمنازل والمزارع بتكلفة تتراوح بين 5 آلاف و100 ألف جنيه حسب طبيعة المشروع.








