قال شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، إن ملف الصناعات الغذائية يقف عند نقطة تقاطع دقيقة بين اعتبارات الاستقرار الاقتصادي ومتطلبات التطوير الصناعي، بما يفرض نقاشًا جادًا حول مستقبل هذا القطاع الحيوي، باعتباره أحد القطاعات الاستراتيجية المؤثرة في بنية الاقتصاد الوطني، وأحد المرتكزات الأساسية لاستقرار الأمن الغذائي.
وأوضح الوزير خلال كلمته في المؤتمر السنوي الرابع “غذاء مصر”، أن التحولات العالمية التي شهدتها السنوات الأخيرة أكدت أن قدرة الدول على حماية أمنها الغذائي وتأمين احتياجات مواطنيها لم تعد تُقاس بحجم الإنتاج وحده، بل أصبحت مرتبطة بشكل أكبر بكفاءة تنظيم السوق، وانضباط سلاسل الإمداد، وقدرة السياسات العامة على تحقيق التوازن بين متطلبات السوق واعتبارات الصالح العام.
وأضاف أن الصناعة الغذائية لم تعد نشاطًا منفصلًا في حد ذاتها، بل بات من الضروري التعامل معها باعتبارها منظومة متكاملة تبدأ من مراحل الإنتاج والتصنيع، وتمر بعمليات التخزين والتداول، وتنتهي عند السوق والمستهلك.
وفي هذا الإطار، يتجاوز دور وزارة التموين والتجارة الداخلية المفهوم التقليدي المرتبط بتوفير السلع، ليشمل الإسهام في بناء سوق منظم وقادر على استيعاب التوسع الصناعي، وضمان استقرار الإتاحة، وتحقيق قدر مناسب من التوازن السعري، بما يدعم الصناعة الوطنية ويحمي المستهلك في آن واحد.
وأشار الوزير إلى أن الوزارة حرصت خلال الفترة الماضية على تطوير أدواتها وسياساتها، بما يعزز الانتقال من المعالجة الظرفية لاختلالات السوق إلى التعامل معها من منظور هيكلي ومستدام، وذلك من خلال تحسين منظومات التخزين، وإدارة المخزون الاستراتيجي، وتطوير آليات تداول السلع، وتقليل الفاقد، بما يسهم في رفع كفاءة السوق وتعزيز قدرته على التكيف مع المتغيرات.
وأكد أن ما يُطرح اليوم من نقاش حول العلاقة بين التشريعات والابتكار يعكس إدراكًا متزايدًا بأن التنافسية الحقيقية للصناعات الغذائية لا يمكن أن تتحقق في ظل أطر تنظيمية جامدة أو غير مستقرة.
أوضح أن التشريع الفعال هو ذلك الذي يواكب تطور الصناعة، وينظم السوق دون أن يقيّد النمو، ويوفر في الوقت ذاته الوضوح والاستقرار اللازمين لجذب الاستثمارات ودعم التوسع.
وتابع الوزير: “إن الحديث عن صناعة غذائية أكثر تنافسية يفرض علينا إعادة النظر في طبيعة الدور الذي تضطلع به الدولة في إدارة الاقتصاد، ليس باعتبارها طرفًا مباشرًا في السوق، وإنما بوصفها جهة منظمة تعمل على وضع إطار واضح ومستقر للقواعد الحاكمة، وتوفير البنية الأساسية الداعمة، بما يضمن كفاءة عمل السوق واستدامته، ويهيئ في الوقت ذاته مساحة مناسبة لدور القطاع الخاص كمحرك رئيسي للاستثمار والنمو”.
وشدد على أن هذا الدور التنظيمي يتطلب قدرًا عاليًا من التنسيق المؤسسي بين الجهات المعنية، بما يكفل اتساق السياسات ويعزز الثقة في مناخ الاستثمار، مؤكدًا أن استدامة الصناعات الغذائية ترتبط بقدرة السوق على الاستمرار في أداء دوره بكفاءة، والحفاظ على توازنه، واستيعاب التوسع الصناعي دون اختلالات تؤثر على انتظام الإتاحة أو سلامة المنافسة، بما يضمن استقرار المنظومة على المديين المتوسط والطويل.
وفيما يتعلق بالاستثمار، أكد الوزير أن التجربة العملية تشير بوضوح إلى أن جذب الاستثمارات في هذا القطاع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوضوح الرؤية، واستقرار السياسات، وتكامل الأدوار بين الدولة والقطاع الخاص.








